15 يناير 2014

العراق يسعى جهده لتأمين حدوده مع سوريا بعد تجدد قوة القاعدة



يسعى العراق جهده لاحكام السيطرة على حدوده مع سوريا بعد أن استعاد مقاتلو القاعدة الذين يسعون لاقامة دولة إسلامية عبر الحدود قوتهم.
ونشرت الحكومة العراقية قواتها وأسلحة أمريكية وروسية جديدة لقطع خطوط إمداد المقاتلين عبر الحدود أملا في وضع حد لهذا التهديد. لكنها وجدت المهمة شبه مستحيلة كما وجدتها القوات الأمريكية من قبل.
ولا تتوقف الصعوبات عند الصراع في سوريا الذي أجج التوتر الطائفي في انحاء المنطقة والطبيعة الجغرافية الموحشة لحدود تمتد في الصحراء 600 كيلومتر وتسهل تسلل المهربين والمقاتلين.
فمن بينها كذلك الروابط العشائرية الممتدة عبر الحدود حيث يرسل العراقيون بشكل منتظم المواد الغذائية والامدادات والأسلحة إلى اقاربهم السوريين الذين يتحملون وطأة الحرب هناك. ويقول العراق إن الإسلاميين السنة يتحركون ذهابا وإيابا من سوريا خلال الصراع.
ويمانع بعض أهالي المنطقة مثلهم مثل القبائل الصحراوية في أماكن أخرى في الاعتراف حتى بالحدود الدولية.
ولعل أهم الصعوبات يكمن في العداء السياسي والطائفي الذي يكنه سكان محافظة الانبار السنة للحكومة المركزية بقيادة الشيعة ويضعف سلطتها هناك.
وقال مصطفى علاني وهو محلل عراقي في مركز ابحاث الخليج "لا يمكن السيطرة على هذا الجزء من الحدود العراقية" مشيرا إلى الانبار ومحافظة نينوى التي تجاورها من الشمال.
وأضاف "حتى الأمريكيين لم يتمكنوا من ذلك" في إشارة إلى الاحتلال الأمريكي للعراق من 2003 إلى 2011.
وسيطر المسلحون المرتبطون بالقاعدة على مدينتي الفلوجة والرمادي في الأنبار في اول يناير كانون الثاني مستغلين الاستياء المنتشر بين السنة لما يعتبرونه سوء معاملة من قبل حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. واستعادت الحكومة السيطرة على الرمادي بعد ذلك.
ويحاول المالكي كسب دعم العشائر للقضاء على أحدث تنظيم للقاعدة في العراق وسوريا وهو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي ساهم صعوده في عودة العنف إلى أعلى مستوياته في خمسة اعوام على الاقل.
وتبدو مهمته معقدة على نحو غير معهود حيث ان الدولة الإسلامية في العراق والشام التي اعلنت تشكيلها في عام 2013 من جماعات كانت موجودة من قبل تنشط على جانبي الحدود وتقاتل الحكومتين العراقية والسورية.
وقال المالكي إن قوات حرس الحدود العراقية نجحت في الحد من دخول مقاتلي القاعدة والأسلحة والمهربين. لكنه قال في مقابلة مع رويترز هذا الاسبوع ان العراق لم يتمكن حتى الان من اغلاق جميع النقاط التي يتسللون منها بسبب الظروف البيئية والجغرافية الصعبة.
وأضاف ان هناك ايضا بعض المدن الحدودية نصفها عراقي ونصفها الاخر سوري وعشائرها مرتبطة اسريا فهم ابناء عمومة.
وتضم الأنبار ثلث اراضي العراق وتقع على الحدود مع سوريا والسعودية والأردن ولذا يمثل أي خلل في السيطرة على حدودها نقطة ضعف مهمة.
وكتب برايان فيشمان من مركز مكافحة الارهاب وهو وحدة ابحاث في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت "توسع الدولة الإسلامية في العراق والشام في سوريا ... يتيح مجالا هائلا للتجنيد والتدريب وجمع الأموال بوسائل تمكن الجماعة من تأجيج التوتر الطائفي في العراق واستغلاله."
ورسمت الحدود السورية العراقية في العشرينات عندما شكل الاستعماران الفرنسي والبريطاني الدولتين من بقايا الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى. وبعد مرور حوالي قرن ما زال جانب كبير من تلك الحدود مجرد خط على الخريطة.
وعلى تلك الحدود معبران رئيسيان احدهما في الأنبار والاخر في نينوى شمال غربي مدينة الموصل. وتتولى القوات العراقية حراستهما وهما محصنان بالجدران الواقية والاسلاك الشائكة وابراج المراقبة.
لكن كثيرا من المواقع العراقية الصغيرة الواقعة بين المعبرين تتألف من مبنى صغير ذي طابق واحد وبرج مراقبة ولا تضم الا قرابة ستة من افراد الأمن.
وقد يفصل بين الموقع والاخر منها ما يقرب من عشرة كيلومترات وقال مسؤولون أمنيون ان افراد الحراسة بها ليسوا مسلحين سوى بأسلحة خفيفة ومركبة عسكرية واحدة. وأضافوا ان حرس الحدود هناك يفتقرون للمعدات اللازمة لمراقبة الحدود على نحو ملائم.
ولا يحرس الحدود في الأنبار عادة سوى بضعة الاف من الحراس وهي تتألف في أغلبها من مساحات مفتوحة من الصحراء والشجيرات وهو ما يتيح لمقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام الوصول بسهولة إلى القواعد الخلفية في سوريا.
وساهمت منحدرات التلال والكهوف المستترة والممرات في جعل المنطقة ملاذا للمهربين على مدى أجيال واستغل المسلحون ذلك في الآونة الأخيرة.
وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 اصبحت الحدود مثارا للتوتر مع تنامي التمرد السني ضد القوات الأمريكية.
وكثيرا ما اتهم العراق والولايات المتحدة سوريا بالسماح للمسلحين بعبور الحدود وهو اتهام نفته دمشق.
ولا يشك أحد في أن المقاتلين السنة يتدفقون عبر جانبي الحدود حاليا. وتوجه بعض العراقيين الشيعة إلى سوريا أيضا للقتال في صفوف القوات الحكومية ضد المعارضة.
وقال المالكي إن حكومته حظرت تدخل العراقيين في سوريا. وتابع "نحن نرفض ان ندخل على خط الازمة (السورية) قطعا. لا تجهيز ولا تسليح ولا مقاتلين."
وتقول مصادر أمنية عراقية ان منطقة الحدود تضم مجموعة كبيرة من الكهوف والأودية التي يمتد العديد منها عشرات الكيلومترات عبر الحدود ويستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في اقامة معسكرات تدريب وكأماكن للمعيشة ومخازن للأسلحة.
وبدأت الحكومة العراقية عملية اطلقت عليها اسم المطرقة الحديدية في 23 ديسمبر كانون الأول لمحاولة قطع خطوط الاتصال بين الدولة الإسلامية في العراق والشام في كل من العراق وسوريا بعد ان انتاب بغداد القلق من خطر امتداد الحرب السورية للعراق.
وقال مسؤول امني كبير في بغداد "نريد أن نفصل بين الجبهتين لان كلا منهما تغذي الاخرى."
واستخدمت القوات العراقية طائرات هليكوبتر روسية طراز مي-35 للمرة الاولى وكذلك طائرات حربية وصواريخ هيلفاير أمريكية حصل عليها العراق بعد زيارة المالكي لواشنطن في نوفمبر تشرين الثاني.
وقال المسؤول الأمني "عندما نقطع مصادر التمويل والدعم عن القاعدة من خلال اغلاق الطريق من العراق إلى سوريا ستكون قد انتهت في سوريا وكذلك في العراق."
ويقول ضباط بالجيش العراقي ان الاسلحة الجديدة بالاضافة إلى صور الاقمار الصناعية وغيرها من المعلومات التي قدمتها الولايات المتحدة منحتهم قدرات جديدة لضرب عدو كان يصعب الوصول اليه.
وقال المالكي "بعد الحكمة التي استخدمها العراق في معالجة هذه الظاهرة كان هناك بعض التوقف (التردد) من قبل الجانب الامريكي ازاء تزويدنا بهذه الاسلحة الخفيفة والثقيلة. حتى الذين كانوا يعارضون تسليح العراق بحجج عندما اتضح لهم حكمة التصرف العراقي الان اندفع الجميع.. الكونجرس والادارة الامريكية.. وطلبوا منا القائمة بالأسلحة التي نحتاجها لمعالجة العصابات الارهابية وتنظيمات القاعدة."
ولكن ما زال من غير الواضح مدى الخسائر التي ألحقتها الحملة العسكرية العراقية في المناطق الحدودية في الانبار بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
رويترز

ليست هناك تعليقات: