في بادرة طيبة وغير مسبوقة، أعلن الشيخ أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة عدم رضاه عما حدث من عمليات القاعدة في العراق، وأن هذه العمليات شابتها أخطاءٌ كثيرة، وهذا موقفٌ شجاعٌ منه، يحمدُ عليه ويشكرُ له، ولكن يبقى هذا التنظيم الشهير في حاجة لمراجعة شاملة وكاملة لكل ما يتعلق به فكرًا وسلوكًا، نظرية وتطبيقًا، في مجال النهج العلمي الذي ينتهجه، وكذلك في مجال تنفيذه لهذا النهج في العمليات المسلحة على أرض الواقع
>>
ونحن لا نشكّ في إخلاص أمثال الشيخ أسامة بن لادن، ولكن المراجعة لا تحتاج إلى الإخلاص والتجرُّد فحسب، ولكنها تحتاجُ إلى أشياءَ كثيرةٍ، منها: الشجاعةُ الأدبية، والقوة النفسية، وعدم الخوف من انتقام الأتباع أو على الأقل انفضاضهم عنهم، وأن يكون مثل الحسن لا يخاف على جاهه من هذه المراجعة، بل يوقن أن الله سيكرمُه بجاهٍ أعظمَ من ذلك الجاه الزائف، ويتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمدح الحسن بن عليّ، كما عند البخاري في الصحيح: "إنّ ابْنِي هَذا سيِّدٌ، وسيُصْلِحُ الله به بين طائفتيْن عظيمتيْن بين المسلمين
>>
لذا فإنه يجب علينا جميعًا، كحركة إسلامية، أن نملك من الشجاعة في أن نعلن عن أخطائنا بنفس الشجاعة والقوة التي نعلن بها عن أخطاء الآخرين ، وقد يتساءل البعض، ما هي القضايا التي تحتاج إلى مراجعات خاصة بالقاعدة ؟ وأقول: إن هذه القضايا كثيرة، ولكني سأعرض - بإيجاز -أهمها فيما يلي :-
مراجعة فكرته الخاطئة عن فريضة الجهاد
ينبغي على تنظيم القاعدة أن يراجع نفسه مراجعة شاملة في فهمه لفريضة الجهاد، حيث أن أزمة القاعدة الحقيقية في فهمه الخاطئ لهذه الفريضة العظيمة، فالإسلام كان واقعيًا في رؤيته لحقائق الحياة والنفوس والاجتماع البشري، ولذلك اعترف الإسلام بالحرب؛ لأنه يعلم أن طبيعة وسنة الاجتماع كثيرًا ما تفضيان إلى التنازع والبغي والتنكر للحق والاعتداء على الآخرين، ولولا هذا الاعتراف لقضت عوامل الشر والفساد على دعوة الإسلام في مهدها، ولظلت بلاد المسلمين محتلة إلى اليوم من التتار والصليبين وغيرهم، ولكن الإسلام جعل الجهاد وسيلة وليس غاية مرادة لذاتها
<<
في حين أن القاعدة جعلت القتال والجهاد غاية في حد ذاته، فهي تقتل وتفجّر وتدمّر في أي مكان في بلاد المسلمين أو في بلاد غيرهم، قتل في هذه التفجيرات مسلمون أم غيرهم لا يهم، أتت بنتيجة إيجابية على الإسلام والمسلمين أو بأخرى سلبية لا يهم، احتلت بلاد المسلمين نتيجة لذلك أو حررت لا يهم، أصابت هذه التفجيرات الخير أم لم تصبه فهو سواء عندهم. المهم كما يقولون: أشعل فتيل القتال ثم دعه ينتشر، وأشعل جذوة القتال في كل مكان، حتى لو اشتعلت هذه الجذوة فأحرقت الإسلام والمسلمين وأوطانهم.. لا يهم، المهم أن تكون هناك تفجيرات في كل مكان
>>
إن الجهاد الذي شرعه الله سبحانه وتعالى لم يكن يومًا مرادًا لذاته أو مقصودًا في نفسه، فلم تفرضه الشريعة لمجرد إزهاق الأرواح، ولم تجعله غاية في حد ذاته، ولكنه كان دومًا وسيلة لبلوغ الغايات الإسلامية النبيلة والدفاع بحق عن الدين والأرض والعرض. ولذلك، فإن فقهاء المسلمين من سلفنا الصالح، يعتبرون إراقة الدماء، سواء كانت دماء المسلمين أو دماء غيرهم، إنما هي مفسدة في حد ذاتها، ولكن الشرع الحنيف أباح ذلك في بعض الأوقات لمصلحة أعظم منها، وهي إعزاز الدين والذود عن بلاد المسلمين، فإن لم يتحقق هذا الغرض ولم نصل إلى هذه الغاية، ولم تتحقق هذه المصلحة، يعود الحكم إلى حالته الأولى من تحريم إراقة الدماء
>>
يقول ابن دقيق العيد: "الأصل عدم إتلاف النفوس، وإنما أبيح منه ما يقتضي دفع المفسدة"وقال ابن عابدين الفقيه الحنفي الشهير: "الجهاد ليس إلا للإيمان وإقامة الصلاة، فكان حسنًا لغيره".
فإذا غلب الظن أن الجهاد لن تتحقق من جرائه المصالح التي شرع لأجلها، فقد انتفت مشروعيته، وصار غير مطلوب شرعًا، أي أن المكلفين غير مخاطيين به شرعًا، فمن أقدم عليه رغم علمه بذلك فهو لا يدخل ضمن قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" رواه الشيخان وغيرهما، وإنما يكون في هذه الحالة ممن يقاتل شجاعةً أو حميةً أو ليُرَى مكانُه أو لأي غرض آخر نحو ذلك، وكله مذموم
>>
لقد شُرع القتال والجهاد في الإسلام كما قال تعالى:"حََتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ" (الأنفال: 39)، وهذا هو الهدف الأسمى للقتال، فإذا أصبح القتال نفسه محدِثًا للفتنة في الدين، أو مانعًا من تعبيد الناس لربهم، أو صادًا للناس عن دعوة الحق، أو معطلاً للدعوة إلى الله، أو مؤديًا للقبض على آلاف الشباب المتدين دون جريرةٍ منهم، أو مانعًا لكل مظهر من مظاهر الإسلام في بلد أو آخر، أو مؤديًا لإطفاء جذوة الدين في قلوب الشباب المتدين الصغير، أو مخوّفًا لكل من يدعم الإسلام ودعوته بنفسه أو ماله أو جاهه، دون أن يحقق هذا القتال غايته العظمى، وهي إعزاز الدين والمسلمين وأوطانهم، ولكن أدى إلى احتلال ديارهم وخراب أوطانهم وتدمير مجتمعاتهم، أذا أصبح الجهاد كذلك، فقد خرج عن مقصوده، ولابد من وقفة حازمة لمنعه. ووقفهُ ومنعه يكون في هذه الحالة، أحبَّ وأقربَ إلى الله من استمراره
>>
وإذا كان القتال بهذه الصورة، فإنه يلحق بقتال الفتنة، الذي ينبغي علينا جميعًا السعي إلى اجتناب المشاركة فيه والسعي إلى وقفه وتصحيحه. إن الجهاد للجهاد، والقتال للقتال، هو نموذجٌ خاطئٌ للجهاد، وهو فهم سقيم لهذه الفريضة العظيمة من فرائض الإسلام. وللأسف، فإن أكثر من تبنى هذا النموذج هو تنظيم القاعدة، حيث رأيناه في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر بأمريكا، وبالي باندونيسيا، والرياض في السعودية، والرباط، والدار البيضاء في المغرب، وتفجيرات أخرى كثيرة في دول عربية وإسلامية, وأخرى أوربية. ونتائج كل هذه التفجيرات معروفة للصغير والكبير، والقاصي والداني، ولا تخطِئها العين البصيرة، فقد ذاقت كل الحركات والدول الإسلامية من ويلاتها وآثارها المدمّرة
>>
بقية المقال على الرابط التالي :
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=37&catid=187&artid=10770
>>
ونحن لا نشكّ في إخلاص أمثال الشيخ أسامة بن لادن، ولكن المراجعة لا تحتاج إلى الإخلاص والتجرُّد فحسب، ولكنها تحتاجُ إلى أشياءَ كثيرةٍ، منها: الشجاعةُ الأدبية، والقوة النفسية، وعدم الخوف من انتقام الأتباع أو على الأقل انفضاضهم عنهم، وأن يكون مثل الحسن لا يخاف على جاهه من هذه المراجعة، بل يوقن أن الله سيكرمُه بجاهٍ أعظمَ من ذلك الجاه الزائف، ويتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمدح الحسن بن عليّ، كما عند البخاري في الصحيح: "إنّ ابْنِي هَذا سيِّدٌ، وسيُصْلِحُ الله به بين طائفتيْن عظيمتيْن بين المسلمين
>>
لذا فإنه يجب علينا جميعًا، كحركة إسلامية، أن نملك من الشجاعة في أن نعلن عن أخطائنا بنفس الشجاعة والقوة التي نعلن بها عن أخطاء الآخرين ، وقد يتساءل البعض، ما هي القضايا التي تحتاج إلى مراجعات خاصة بالقاعدة ؟ وأقول: إن هذه القضايا كثيرة، ولكني سأعرض - بإيجاز -أهمها فيما يلي :-
مراجعة فكرته الخاطئة عن فريضة الجهاد
ينبغي على تنظيم القاعدة أن يراجع نفسه مراجعة شاملة في فهمه لفريضة الجهاد، حيث أن أزمة القاعدة الحقيقية في فهمه الخاطئ لهذه الفريضة العظيمة، فالإسلام كان واقعيًا في رؤيته لحقائق الحياة والنفوس والاجتماع البشري، ولذلك اعترف الإسلام بالحرب؛ لأنه يعلم أن طبيعة وسنة الاجتماع كثيرًا ما تفضيان إلى التنازع والبغي والتنكر للحق والاعتداء على الآخرين، ولولا هذا الاعتراف لقضت عوامل الشر والفساد على دعوة الإسلام في مهدها، ولظلت بلاد المسلمين محتلة إلى اليوم من التتار والصليبين وغيرهم، ولكن الإسلام جعل الجهاد وسيلة وليس غاية مرادة لذاتها
<<
في حين أن القاعدة جعلت القتال والجهاد غاية في حد ذاته، فهي تقتل وتفجّر وتدمّر في أي مكان في بلاد المسلمين أو في بلاد غيرهم، قتل في هذه التفجيرات مسلمون أم غيرهم لا يهم، أتت بنتيجة إيجابية على الإسلام والمسلمين أو بأخرى سلبية لا يهم، احتلت بلاد المسلمين نتيجة لذلك أو حررت لا يهم، أصابت هذه التفجيرات الخير أم لم تصبه فهو سواء عندهم. المهم كما يقولون: أشعل فتيل القتال ثم دعه ينتشر، وأشعل جذوة القتال في كل مكان، حتى لو اشتعلت هذه الجذوة فأحرقت الإسلام والمسلمين وأوطانهم.. لا يهم، المهم أن تكون هناك تفجيرات في كل مكان
>>
إن الجهاد الذي شرعه الله سبحانه وتعالى لم يكن يومًا مرادًا لذاته أو مقصودًا في نفسه، فلم تفرضه الشريعة لمجرد إزهاق الأرواح، ولم تجعله غاية في حد ذاته، ولكنه كان دومًا وسيلة لبلوغ الغايات الإسلامية النبيلة والدفاع بحق عن الدين والأرض والعرض. ولذلك، فإن فقهاء المسلمين من سلفنا الصالح، يعتبرون إراقة الدماء، سواء كانت دماء المسلمين أو دماء غيرهم، إنما هي مفسدة في حد ذاتها، ولكن الشرع الحنيف أباح ذلك في بعض الأوقات لمصلحة أعظم منها، وهي إعزاز الدين والذود عن بلاد المسلمين، فإن لم يتحقق هذا الغرض ولم نصل إلى هذه الغاية، ولم تتحقق هذه المصلحة، يعود الحكم إلى حالته الأولى من تحريم إراقة الدماء
>>
يقول ابن دقيق العيد: "الأصل عدم إتلاف النفوس، وإنما أبيح منه ما يقتضي دفع المفسدة"وقال ابن عابدين الفقيه الحنفي الشهير: "الجهاد ليس إلا للإيمان وإقامة الصلاة، فكان حسنًا لغيره".
فإذا غلب الظن أن الجهاد لن تتحقق من جرائه المصالح التي شرع لأجلها، فقد انتفت مشروعيته، وصار غير مطلوب شرعًا، أي أن المكلفين غير مخاطيين به شرعًا، فمن أقدم عليه رغم علمه بذلك فهو لا يدخل ضمن قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" رواه الشيخان وغيرهما، وإنما يكون في هذه الحالة ممن يقاتل شجاعةً أو حميةً أو ليُرَى مكانُه أو لأي غرض آخر نحو ذلك، وكله مذموم
>>
لقد شُرع القتال والجهاد في الإسلام كما قال تعالى:"حََتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ" (الأنفال: 39)، وهذا هو الهدف الأسمى للقتال، فإذا أصبح القتال نفسه محدِثًا للفتنة في الدين، أو مانعًا من تعبيد الناس لربهم، أو صادًا للناس عن دعوة الحق، أو معطلاً للدعوة إلى الله، أو مؤديًا للقبض على آلاف الشباب المتدين دون جريرةٍ منهم، أو مانعًا لكل مظهر من مظاهر الإسلام في بلد أو آخر، أو مؤديًا لإطفاء جذوة الدين في قلوب الشباب المتدين الصغير، أو مخوّفًا لكل من يدعم الإسلام ودعوته بنفسه أو ماله أو جاهه، دون أن يحقق هذا القتال غايته العظمى، وهي إعزاز الدين والمسلمين وأوطانهم، ولكن أدى إلى احتلال ديارهم وخراب أوطانهم وتدمير مجتمعاتهم، أذا أصبح الجهاد كذلك، فقد خرج عن مقصوده، ولابد من وقفة حازمة لمنعه. ووقفهُ ومنعه يكون في هذه الحالة، أحبَّ وأقربَ إلى الله من استمراره
>>
وإذا كان القتال بهذه الصورة، فإنه يلحق بقتال الفتنة، الذي ينبغي علينا جميعًا السعي إلى اجتناب المشاركة فيه والسعي إلى وقفه وتصحيحه. إن الجهاد للجهاد، والقتال للقتال، هو نموذجٌ خاطئٌ للجهاد، وهو فهم سقيم لهذه الفريضة العظيمة من فرائض الإسلام. وللأسف، فإن أكثر من تبنى هذا النموذج هو تنظيم القاعدة، حيث رأيناه في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر بأمريكا، وبالي باندونيسيا، والرياض في السعودية، والرباط، والدار البيضاء في المغرب، وتفجيرات أخرى كثيرة في دول عربية وإسلامية, وأخرى أوربية. ونتائج كل هذه التفجيرات معروفة للصغير والكبير، والقاصي والداني، ولا تخطِئها العين البصيرة، فقد ذاقت كل الحركات والدول الإسلامية من ويلاتها وآثارها المدمّرة
>>
بقية المقال على الرابط التالي :
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=37&catid=187&artid=10770
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق