16 فبراير 2014

التوافق الايراني الامريكي في بناء الشرق الاوسط الجديد

التوافق الايراني الامريكي في بناء الشرق الاوسط الجديد

  صحيفة العراق الالكترونية 04-01-2014  -  د. سعد سلمان المشهداني



منذ الايام الاولى للاحتلال الامريكي للعراق أعلنت الولايات المتحدة الامريكية مجموعة من الاهداف التي تعمل على تحقيقها، من خلال الحرب على العراق . وكان في طليعة تلك الاهداف بناء الشرق الاوسط الجديد ليشكل قاعدة لبناء النظام العالمي الجديد في حدود الاهداف الاميركية، غير ان ما ظهر حتى الان لم يعد هناك دور لاعادة تشكيل الشرق الاوسط الجديد الذي تراجع امام تعاظم ادوار روسيا وفرنسا مع اوروبا وبقية الدول الكبرى، مما ساعد على بروز طموحات اقليمية لبعض دول المنطقة ومنها ايران التي فجرت في اتفاقها الاخير مع الولايات المتحدة نماذج جديدة من التوازنات ذات الابعاد الدولية، الامر الذي زاد من تعقيد العلاقات الداخلية البينية بين دول المنطقة، مع انعكاس ذلك على سياسات الحروب والتسلح وتعاظم اخطاء التنظيمات الارهابية والحركات المذهبية المتطرفة التي يمكن لها ان تمارس دور رأس الحربة في الصراعات القادمة. وكان من بين ما ابرزته الحرب الامريكية على العراق عام 2003 تارجح السياسات في الشرق الاوسط بين مقولتين : الاولى هي (النفط محرك العلاقات الدولية) والثانية  تقول (في كل نزاع ابحث عن الطاقة وأنابيب الطاقة) فبسبب خط نفط في افغانستان قاطع كلينتون حركة طالبان، ثم جاء بوش الأب فاستقبلهم في البيت الأبيض والتقى الملا عمر مرة ثانية في السعودية، وصولاً إلى قيام جورج بوش الابن بحربه على أفغانستان، لتقترب نهاية عهد أوباما بعودة الاتصالات مع حركة طالبان، وأنبوب غاز الصحراء الكبرى كان سبب عشر سنوات دم في الجزائر، والآن انتقل الدم إلى نيجيريا ولم يهدأ في الجزائر، ونفس الخط أطاح بالقذافي وبن علي وبرلسكوني، وخط غاز شرق المتوسط كان سبب العدوان على لبنان ولاحقاً على غزة، فكل المعارك تبدأ وتنتهي بالطاقة وأنابيب الطاقة .
إن اتصال خط الغاز العربي القادم من مصر، بخط الغاز الايراني القادم من إيران في سورية سيمهد لخارطة جيوسياسية جديدة في المشرق العربي وستصبح خطوط الطاقة ومنابع الطاقة هي محرك العلاقات الدولية والحرب والأزمات، ولاسيما وان سوريا وإيران ومعهما العراق ولبنان قد تدخل ولاول مرة في التاريخ في المشروع الايراني السوري العراقي اللبناني في المستقبل القريب عالماً في بناء خطوط طاقة تغيّر خرائط جيوسياسية وخرائط سياسية في المنطقة .
ومن هنا نستطيع فهم صورة المستقبل كما تراها الولايات المتحدة الامريكية والدول الاقليمية للمنطقة وتفسير بعض الاوراق غير الواضحة فإيران اليوم هي البديل عن السعودية وتركيا ومصر في المحادثات الإيرانية الأمريكية على هامش (جنيف 2) وما بعدها . وفي الافق يدور الانسحاب الامريكي من افغانستان عام 2014 حيث إن أمريكا تطلب من إيران تأمين انسحاب آمن لقواتها من أفغانستان هذا العام على غرار الاتفاق الإيراني الأمريكي الذي تم في بغداد لتأمين انسحاب آمن من العراق وقد وفت إيران وأمنّت انسحاب القوات الأمريكية من مناطق جنوب العراق وذلك بإصدارها الأوامر لمليشياتها عدم التعرض للقوات الأمريكية.
وفي الخليج العربي تتقاسم إيران مع أمريكا مناطق النفوذ  وهو أشبه بتقاسم النفوذ الأطلسي بعد الحرب العالمية الثانية مع الاتحاد السوفياتي. وفي الملف العراقي  تطالب ايران أن تستقل بنفوذها في العراق كذلك تريد إيران  أن تصوغ الوضع في سوريا حسب رؤيتها وأمريكا تريد أن تضمن أمن إسرائيل أيا كان النظام الحاكم ولكن بضمانات وإيران على استعداد أن تتكفل بجميع الضمانات التي تطمئن إسرائيل وتضمن أمنها .
اما بالنسبة للنظام السوري فالمعطيات تشير الى ان إيران تعتقد أن بشار الاسد قد انتهى دوره ولم يعد له مستقبل في سوريا وتريد أن يكون لحزب الله دور نافذ في سوريا بعد
بشار الأسد وهو مايعني أن تكون الحكومة المقبلة موالية لحزب الله أو بموافقته .
هناك توافق ايراني امريكي فيما يتعلق بموضوع اليمن فإيران تريد أن يكون للحوثيين دور رئيسي في حكم اليمن وأمريكا تريد تأمين مضيق باب المندب الذي يوصل بين البحر الأحمروبحر عدن وبين أفريقيا وآسيا من جهة البحر العربي.وهو الشريان الحيوي المؤثر مباشرة على تدفق البترول والبضايع من وإلى أوروبا وإسرائيل. هناك توافق ايراني امريكي فيما يتعلق بموضوع التنافس التركي الإيراني السعودي في النفوذ في منطقة الشرق الأوسط ،
فإيران تريد أن تبقى تركيا داخل الحلف الأطلسي بعيداً عن العرب وليس كدولة إسلامية كبرى تمارس نفوذها في المنطقة وإيران تريد أن تكون هي الدولة الرئيسة في المنطقة بدل تركيا والسعودية.

لقد جعلنا التوافق الايراني الامريكي فيما يتعلق بترتيب اوضاعنا الداخلية دولة فاشلة لا تدار الا من توافق الرؤى الايرانية والامريكية، دولة مدمرة في إدارتها وامنها وبناها التحتية وخدماتها وعمرانها البشري والمادي والاقتصادي ، دولة مهددة بالتقسيم والحرب الطائفية والله المستعان .

ليست هناك تعليقات: