18 أكتوبر 2013

5 - المسلحون في ليبيا: اقليم برقة


 


 تابع: خريطة المسلحين في الشرق الاوسط


5 - المسلحون في ليبيا: اقليم برقة


تتحدث محطات فضائية ليبية عن سيطرة للقبائل والمسلحين على إقليم برقة شرقي ليبيا  (70 % من نفط البلاد ) وأظهرت قناة "الرؤية" الفضائية الليبية (نيل سات) لقطات لتجمعات عربات البيك اب وصواريخ واسلحة وعتاد ثقيل واعداد كبيرة من المسلحين يتمركزون على الطرق الرئيسية في الاقليم الفيدرالي.

واتحدت جماعات مسلحة في الإقليم ذو الحكم الذاتي مع أكثر من 100 قبيلة للسيطرة على صناعة النفط في البلاد، وأعلن إبراهيم الجضران، الزعيم السياسي لحركة المتمردين الرئيسية في البلاد أن القبائل والميليشيات اتحدت في شرق ليبيا وشكلت قوة قاتلة مشتركة.

وتتمركز الجماعات المسلحة في ليبيا في المنطقة الشرقية والغربية، ومجموعة أخرى في الجنوب، وتنتشر في مدينة درنة إحدى أكثر الجماعات تشددًا وهي كتيبة "عقبة بن نافع"، بالإضافة إلى كتيبة "أنصار الشريعة" والتي لها وجود أيضا في بنغازي وتقدر أعداد أفرادها بالمئات.

 وتتناثر على جانبي الطرق الصحراوية الليبية الألوف من صناديق الأسلحة والذخيرة التي جرى نهبها، مع أسلحة ثقيلة أخرى، من مخازن جيش القذافي منذ فبراير (شباط) عام 2011؛إبان ثورات الربيع العربي في تونس ومصر.

يقول محمد بن سعيد، أحد مسؤولي الأمن في العاصمة الليبية، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إن حادثة خطف رئيس الحكومة الدكتور علي زيدان يوم الخميس الماضي مجرد «حادث بسيط، مقارنة بالرعب الذي يعيش فيه غالبية الليبيين على أيدي جماعات مسلحة لا تعرف لها أولا من آخر، ولا اتجاها ولا طريقة، خاصة الرعب في قطاعات من الشرائح الوسطى للموظفين التنفيذيين، وأخص منهم الموظفين في الأمن والجيش».

وتزايد نفوذ المسلحين من خلال ما جرى تشكيله مع بدء الانتفاضة ضد القذافي، من كتائب وميليشيات، واستفحل الأمر بعد مقتل القذافي وتولي الحكام الجدد السلطة، بظهور المئات من الكتائب العسكرية الخاصة والميليشيات التي حولت «العمل الثوري» إلى وظيفة للكسب وفرض السطوة وتأمين فرق قبلية ومذهبية وسياسية على حساب فرق أخرى، وفقا لما أجاب به أحد ضباط الاستخبارات الليبية في عهد القذافي، مشيرا إلى أن الأوضاع كلها أصبحت تنذر بمزيد من التعقيدات بعد أن دخلت قوات أميركية واعتقلت عضو تنظيم القاعدة، أبو أنس الليبي، من طرابلس، وهو المتهم بالاشتراك في تفجيرات ضد مصالح للولايات المتحدة في أفريقيا في تسعينات القرن الماضي.

م تتوقف عمليات القتل والتفجير التي استهدفت شخصيات محلية وأجنبية، ومواقع أمنية ودبلوماسية. ومنذ الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي وقتل السفير الأميركي وثلاثة من مساعديه الخريف الماضي، كان البعض يعتقد أن العنف يتركز فقط في بنغازي التي انطلقت منها شرارا «الثورة» ضد القذافي، لكن دائرة العنف اتسعت وطالت طرابلس، ومدنا أخرى، وهذا مما أصبح معلوما بسبب تركيز وسائل الإعلام على هذا النوع من الحوادث. أما عن وقائع قطع الطرق والقتل والاعتقال وإطلاق النار والانتقام، التي تقوم بها ميليشيات مسلحة يوميا ضد منتسبين للقوات الأمنية والجيش، وضد مسؤولين سابقين ومواطنين عاديين، فحدث ولا حرج.
 
وفي ظل دولة غير قادرة على بسط نفوذها على الجميع، أصبحت المشكلة الليبية تشغل بال العديد من الخبراء والمتخصصين في العالم، خاصة العالم الغربي وأوروبا التي تطل على ليبيا من جهة الشمال.

وينظر عدد من الأساتذة الغربيين لانتشار السلاح في ليبيا باعتباره المحرك الرئيس للقلاقل. ويقول وزير الثقافة الليبي السابق عطية الأوجلي لـ«الشرق الأوسط» إنه كان في زيارة لبريطانيا لحضور نشاط ثقافي، واغتنم فرصة وجوده هناك للحديث مع عدد من أساتذة الجامعات الغربيين المختصين في شؤون المنطقة للتعرف على وجهات نظرهم، وإن من استمع إليهم هناك يرون أن «العنف في ليبيا سببه انتشار السلاح وغياب أجهزة الأمن وضعف الحكومة المركزية»، وإن علاجه «في بناء قوة أمنية قادرة، وهذا لا يزال بمقدور الشعب الليبي القيام به خصوصا مع توفر القدرات المالية والعون الدولي».

وفي بلاد صحراوية مفتوحة الآفاق يبدو الخيال خصبا ونسج الحكايات سهلا، لكن على أرض الواقع تجد كل طرف يصم الآخر بالفشل. إلا أنه، إجمالا، توجد حالة عامة في الشارع تستشعر غياب القادة الذين يمكن أن ينهضوا بالمسؤولية تجاه دولة كبيرة المساحة وقليلة السكان (نحو 7 ملايين نسمة)، وغنية بالنفط، ويتطلع أبناؤها إلى مستقبل آمن.

ومن شرق البلاد التي كانت أول من انتفض ضد ديكتاتورية القذافي، يلخص الأديب والإعلامي الليبي، عوض الشاعري، المشهد السياسي، قائلا إنه أصبح عرضة لتنازع أطراف محلية عدة «يغلب عليها عدم النضوج والوعي باستحقاقات المرحلة.. فمن جهة، ثمة مؤتمر وطني عام تكون على عجل لا يدرك أعضاؤه أبجديات العمل البرلماني التشريعي، وأخفقوا في حل أي من القضايا الملحة».  ولا يتعلق الأمر بضعف البرلمان فقط، هناك الحكومة أيضا التي تبدو غير متجانسة؛ بل، كما يقول بعض الليبيين، أصبحت عرجاء، بعد إقصاء حليفها المخضرم، جبريل، عن العمل السياسي.

ويضيف الشاعري أن الحكومة الانتقالية تبدو «غير متجانسة، ويثار حولها وحول أعضائها اللغط باستمرار، وعدم قدرتهم على الخروج من عنق الزجاجة، وتشكيل جيش وطني وجهاز شرطة يستطيع ضبط الأمن وتوفير الحماية، حتى لرئيس الحكومة التي تدار من داخل فندق، وكذلك في ظل انتشار الجماعات والميليشيات المسلحة التي تشكل عبئا وسببا مباشرا في فشل الحكومة وأجهزتها في أداء دورها».

ويعدد الشاعري العراقيل التي تواجه ليبيا، ومن بين هذه العراقيل، التلويح بإعلان الفيدرالية في إقليم برقة الغني بالنفط (شرقا)، وتدخل بعض اللاعبين الدوليين في الشأن الداخلي، ونشاط تنظيم القاعدة والتكفيريين والاغتيالات، ووجود عدة مدن ومناطق ما زالت تشكل بؤرا حساسة قابلة للاشتعال، وتحالفات قبلية غير واضحة.

وتخضع العاصمة طرابلس لصراع نفوذ بين هذه الميليشيات؛ إذ يسيطر عليها أكثر من 24 تشكيلا مسلحا، وطرابلس نفسها مقسمة لمناطق نفوذ فيما بينها، وتدعي جميعها الشرعية.. «رغم أنها تتبع، في حقيقة الأمر، جهات سياسية ودينية وقبلية»، كما يقول عبد الله، مشيرا إلى أن «المناطق الحيوية في العاصمة طرابلس خاضعة تماما لسيطرة ميليشيات إسلامية، مثل المطارات والأجهزة الأمنية، ومقربة أيضا من جماعة الإخوان المسلمين وقيادات سياسية محسوبة على (الجماعة الليبية المقاتلة) سابقا».

ويحظى ما لا يقل عن 14 إسلاميا، سبق لمعظمهم القتال في أفغانستان والانضمام لـ«الجماعة الليبية المقاتلة»، بمواقع مهمة في الدولة الليبية الجديدة في مرحلة ما بعد القذافي خاصة في «الأجهزة الأمنية والمرافق الحساسة بالدولة، مستفيدة من الأوضاع الجديدة التي نشأت بعد سقوط نظام القذافي»، وفقا لعبد الله.

وتشير المعلومات إلى أن العاصمة تخضع كذلك لـ«صراع ميليشيوي قبلي - إسلامي»، الأول تقوده ميليشيات تابعة لمدينة الزنتان الجبلية الواقعة غرب العاصمة، أبرزها «ميليشيا القعقاع» التي يتهمها الإسلاميون بأنها الذراع العسكرية والأمنية التي تدعم «تحالف القوى الوطنية» الليبرالي ومؤسسه جبريل، وتتصارع مع ميليشيات تنتمي لمدينة مصراتة الواقعة إلى الشرق من طرابلس وميليشيات إسلامية أخرى للسيطرة على العاصمة. ويتبادل كلا الطرفين في العاصمة الاتهامات فيما بينهما بدعم الميليشيات الإسلامية التي لها نفوذ كبير وارتباطات غامضة في ليبيا وخارجها.


وتشير خارطة الميليشيات الإسلامية المسلحة في ليبيا إلى أنها تملك في البلاد ما لا يقل عن تسعة معسكرات تدريبية محصنة منتشرة في جميع مناطق البلاد؛ أبرزها وأهمها على الإطلاق مركز القيادة العسكرية لـ«الجماعة الليبية المقاتلة» بمدينة درنة بالجبل الأخضر، ومعسكر «أبو سليم» في العاصمة طرابلس، وآخر في مدينة الزنتان الجبلية.

ويقول عبد الله: «في بنغازي، في الشرق، يوجد معسكران أحدهما يتبع جماعة (الإخوان) وتشرف عليه قيادات محسوبة على الجماعة ويقع مقره بمنطقة بوفاخر، والآخر يتبع (السلفية الجهادية) ومقره منطقة (الليثي) التي بات يطلق عليها قندهار الصغرى (بسبب سطوة المتشددين فيها)».

أما في مدينة سرت، شرق العاصمة، التي كانت معقلا سابقا للقذافي، فيوجد فيها معسكر «الظهير»، بينما يوجد قرب الحدود التونسية معسكر في «قاعدة الوطية الجوية» التي كانت تابعة للجيش الليبي قبل أن يسيطر عليها المسلحون ويحصنوها جيدا، في حين يوجد في الجنوب، في منطقة سبها وحدها، ثلاثة معسكرات خاصة بالجهاديين.




من يحكم ليبيا؟
صراع الدولة والميليشيا والقبيلة: من الشرق الاوسط


دبة النملة -  الشرق الاوسط -  مواقع

ليست هناك تعليقات: