
لا شك أن هناك جانب كبير من الإيحاءات والتمويه والمكر والخديعة لدى يستخدمه تنظيم القاعدة في حربه ضد قوات قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، خاصة فيما يتعلق ببيانات النعي والرثاء لقادة التنظيم.
وليس ذلك ببعيد عن الحرب الشعواء المندلعة بين الطرفين فقد أعلنت القوات الباكستانية عن مقتل خبير متفجرات القاعدة أبو خباب المصري في منطقة حدودية بباكستان، ربما على سبيل وجود ضربات فعلية للطائرات الامريكية، أو معلومات قد تصدق وقد لا تصدق، شكك فيها خبراء القاعدة ، بينما حاولت بعض الأوساط تأكيدها محاولة لإظهار بعض التفوق أو الانتصار الممزوج بالزهو ثم تلا ذلك إعلان مقتل زعيم قاعدة أفغانستان.
ونعت القاعدة على لسان الرجل الثاني في التنظيم الدكتور أيمن الظواهري ابو خباب في شريط فيديو قصير، بدا فيه الظواهري حزينا وشاحب الوجه لمقتل القيادي الكبير الخبير الفيزيائي في التنظيم، بحسب ما أكدته مواقع القاعدة.
واعقب ذلك حالة من البهجة واليقين فيما يبدو لدى الأوساط التنفيذية المهتمة بالحرب على الإرهاب ، وصلت ربما إلى التأكد بما لا يدع مجالاً للشك في أن الرجل الخبير الفيزياي الكيميائي قد قتل.
وكنت قد نشرت موضوعا سابقا تحت عنوان هل يكون تبني القاعدة لمقتل خبيرها الكيماوي مناورة ؟؟!!
وقلت فيه – بحسب صحيفة الشرق الأوسط اللندنية- : لم تستبعد مصادر أصولية مصرية أن يكون إعلان تنظيم القاعدة، بمقتل مدحت مرسي السيد عمر، المعروف باسم "أبو خباب المصري"، خبير القنابل والمتفجرات والأسلحة الكيماوية والبيولوجية في تنظيم القاعدة، إثر الهجوم الصاروخي الأميركي ضد منطقة الحدود الباكستانية ـ الأفغانية المشتركة يوم الاثنين الماضي، من قبيل التمويه.
وقالت المصادر : "إن الولايات المتحدة سبق أن أعلنت أكثر من مرة عن مصرع فلان أو علان من الجهاديين، وثبت بعد ذلك أن ما يقولونه غير صحيح".
وأشاروا إلى "أن المخابرات الأميركية لم تقدم صورة واضحة لمصرع أبو خباب، حيث لم تنشر صور جثته، أو صور جثث بقية القتلى في الحادث، ولم تعلن نتيجة تحليل (دي إن أيه ـ D.NA) المحدد لشخصية القتيل أو القتلى".
وقالوا معلقين: "رغم أنه ليس أمام المرء سوى أن يسلم بصحة المعلومات لكن أدلة الحادث تبقى ناقصة".
ولكن استوقفني كما سيستوقف الكثيرين أحد المقالات التي نشرت على موقع شبكة الإخلاص الإسلامية تحت عنوان : الحرب الحقيقية والحرب الرمزية (ج13) "استراتيجية التظاهر بالموت".
ويقول المقال : روى لي من اثق به, أنه بينما كان يسير بسيارته على الطريق الخارجي صدم من غير عمد عصفورا, أوقف السيارة ونزل مسرعا عساه ان يسعف ذلك العصفور , رفعه بيديه وقد آلمه احساسه بالذنب لقتله ذلك الطائر الجميل ثم فكر ان يضع ذلك الطائر على محرك السيارة لعل حرارة المحرك تنعشه في ذلك الجو البارد و ما ان ارتخت قبضته عن ذلك العصفور حتى طار العصفور مسرعا لا يلوذ على شيء وكان شيئا لم يصبه!!.
كثير منا يحمل امثال هذه القصة واشباهها وليس من خدعة اكبر من خدعة"التظاهر بالموت" والتي يبدوا انها احدى آليات الدفاع ومقومات البقاء عند الكثيرمن الاحياء التي خلقها الله سبحانه وتعالى, وهي في كل الاحوال لا تحتاج الى اعضاء جديدة ولا الى مهارة عالية ولا الى طاقة اضافية بل قد يكون ركنها الاساس هو إيقاف طاقة الجسم إلى حين.
وهي ناجحة في خداع العدو وفعالة في النجاة ...)
وهذا المقال إن دل على شئ فإنما يدل على استراتجية قد تكون جديدة وقد تكون قديمة للقاعدة في حربها ، إلا أن المقال الرمزي يكشف عن وجود نوع من المراوغة والتمويه في بيانات النعي والرثاء قد يمتد بالفعل إلى بيانات من نوع آخر، ما قد ينتج عنه تراخي القبضة الأمنية ، ولعب دور خفي أو حرب باردة ضد الخصم، قد تقسم ظهر القائمين على الحرب على الإرهاب.
كما استوقفني جانب آخر من مقال في نفس السلسلة : الحرب الحقيقية والحرب الرمزية (ج 14) "الإرهاب البارد"
يقول : هل يجب ان يموت عدوي مع ضجة وصراخ وعويل ؟
لماذا لا أقتله صمتا؟
لماذا كل الاسلحة التي نستخدمها تعتمد على "الانفجار"؟
لماذا لا نستخدم اسلحة بدون انفجارات؟
هل الهدف أن أتخلص من عدوي أم ان ارعب عدوي؟
هل تشن الحروب لاجل القتل ام لاجل الارهاب؟.
هذان المقالان بحسب ما أتيح لي القراءة والوقت يدلان على استراتيجية جديدة ، فيما يبدو للقاعدة أو لفكر القاعدة تتلخص في بداية انهيار مفهوم الحرب المباشرة الساذجة للتنظيم والبدء في حرب من نوع جديد هي الأخطر، خاصة للدول التي لا توجد على أرضها جنود احتلال أو لا يحتك فيها الجنود بمقاتلي تنظيم القاعدة.
المقاومة اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق