بقلم: محمد علي إبراهيم
هدد الإيرانيون قبل أيام بأنهم يعتزمون سد مضيق هرمز كرد علي أي تحرك أمريكي أو إسرائيلي ضدهم.. ومن قبل كانوا أكثر تحديداً عندما لوحوا بإغلاق البوابة البحرية إن صدر قرار دولي بحظر تصدير البترول..
هذا التهديد ذكرني بموقف مماثل أقدمت عليه مصر خلال حربها عام 1973 مع إسرائيل. غير أن الفارق بين الموقف المصري ونظيره الإيراني هو خير مثال علي تعريف الحضارة و"البلطجة"..
فمضيق هرمز الذي تطل عليه إيران ليس ملكاً لها. كما أنه لا يدخل ضمن مياهها الإقليمية. ولكنه معبر مائي دولي تطل عليه أيضاً سلطنة عمان وهو بالنسبة للعراق والكويت والبحرين وقطر منفذها التصديري الوحيد.. أما سلطنة عُمان التي تشترك مع إيران في هرمز فهي تطل كذلك علي بحر عُمان المفتوح. وكذلك الإمارات. وهذا البحر يربطهما بالعالم الخارجي وبالتالي فإن عُمان والإمارات هما الدولتان الوحيدتان بالمنطقة اللتان يمكنهما استخدام بحر العرب وبحر عُمان كمنفذين بديلين عن هرمز..
في أيام شاه إيران كان عرش الطاووس يفخر بأنه عسكري البوليس في المنطقة بموافقة ودعم الولايات المتحدة الأمريكية.. فقد رفع محمد رضا بهلوي آنذاك لواء حرية المرور والملاحة لناقلات البترول الغربية لأن الاتحاد السوفييتي السابق كان متحكماً في العراق. وتصور العالم كله أن العراق المواجه لإيران تحول إلي الشيوعية وأصبح "أحمر التوجه"..
المهم أن الشاه كان يحمي الخليج من التواجد الشيوعي إذا ما فكرت موسكو أن تقوم بمغامرة في الخليج. والآن يحمي الخليج جنود أمريكيون وبريطانيون من الخطر الإيراني المرتقب كما يقولون.. مياه الخليج أصبحت أكثر مكانا علي وجه الأرض ازدحاماً بالقوة العسكرية والبوارج الحربية وبطاريات الصواريخ وهي أكبر بؤرة توتر في العالم. ويسهل إشعالها بعود ثقاب..
غير أن الحقيقة أن إيران ستكون في مواجهة مع العالم كله إذا قررت إغلاق الخليج.. فالبترول الذي تنتجه إيران والعراق والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعُمان يصل إلي العالم كله من خلال معبر واحد فقط هو الخليج. وإغلاقه لا يحكم علي دوله فقط بالإفلاس ولكنه يقرر نفس المصير أيضاً للصين واليابان والهند بوقف الصناعة والتنمية. كما سيصيب أوروبا بالشلل.. من ثم تراهن طهران رهاناً خاسراً بأنه لن يصدر ضدها قرار من مجلس الأمن إذا ما أغلقت الخليج.. مع أن العالم كله سيقف صفاً واحداً وراء أمريكا من أجل تحرير المضيق الهام في الخليج. رغم أن بعض دوله مثل الصين لا توافق أبداً علي سياسة واشنطن في كثير من القضايا والملفات.. غباء إيران أنها جعلت دول الحياد تتحد سياسياً مع واشنطن..
بلطجة إيران جعلتها تنسي مصالح الدول العربية والإسلامية المجاورة لها والتي تشترك معها في مياه الخليج. ويعتبر مضيق هرمز منفذها الحيوي!.
طهران ستفرض الحرب علي كافة الدول المطلة علي الخليج رغماً عنها. وستتسبب في رفع أسعار البترول جداً وتدمير الاقتصاد والتنمية.. أيضاً ضرب المنشآت البترولية العربية بصواريخ إيرانية في الحرب الانتقامية المجنونة التي تريد طهران جر المنطقة إليها سيؤدي إلي توقف التنمية تماماً.. لذلك فإن ما تفعله طهران ليس استشهاداً وليس دفاعاً عن الإسلام. ولكنه تدمير متعمد لاقتصاديات الدول العربية وإقحامها في نزاع ليس من مصلحة العرب ولا المسلمين ولا العالم كله أن يحدث.. مصر والسعودية وغيرهما من الدول العاقلة يبذلون كل ما في وسعهم لمنع أي ضربة لطهران.. ودعونا نقارن ماتريد إيران فعله في الدول العربية والخليج وما فعلته مصر في حرب ..1973
أولاً: كانت مصر وإسرائيل في حالة حرب.. والحرب هي حرب الدول العربية كلها ضد إسرائيل علي عكس الوضع الحالي. فطهران ليست في حالة حرب مع دول الخليج..
أرادت مصر خنق إسرائيل بحرياً فتشاورت مع الدول العربية المطلة علي البحر الأحمر وهي السعودية واليمن والسودان قبلها بفترة كافية.. وتتذكرون أن قناة السويس كانت مغلقة آنذاك أمام الملاحة البحرية. لذلك كان الممر المائي الوحيد المتاح للرياض وصنعاء والخرطوم هو باب المندب الذي تمر منه التجارة الواردة والصادرة إلي الموانئ العربية من خلاله..
كانت السفن العربية التجارية تغادر باب المندب في طريقها لآسيا أولأوروبا عبر رأس الرجاء الصالح.. وكذلك الناقلات التي تنقل البترول السعودي تمر من مضيق باب المندب.. إذن مصر عندما اتخذت قرارها بإغلاق باب المندب لخنق إسرائيل استأذنت وتشاورت..
أبلغت القاهرة أشقاءها أن الإغلاق سيكون لفترة محدودة. وعلي الدول المستخدمة لباب المندب أن توفر احتياجاتها الكاملة من المؤن والبترول حتي لا تتأثر اقتصادياتها. ولا تعاني شعوبها من معركة غير مأمونة العواقب..
لكن إيران تطبق حالياً سياسة البلطجة والعربدة في الخليج التي طبقها صدام حسين من قبل.. المضحك أن الذين وقفوا مع صدام أثناء تهديداته لإسرائيل وعند استعراضه ل 6 ملايين متطوع عام 2002 مستعدون لدفن الأمريكان إذا ما حاربوا العراق. وقفوا يتفرجون علي خراب البصرة أيضا وبغداد وهم يزعمون أن الرجل راح ضحية مؤامرة أو خيانة أو غير ذلك..
نفس مؤيدي صدام سابقاً هم المتحمسون لإيران حالياً.. رغم أن صدام والإيرانيين أعداء. إلا أن هذا لا يمنع أن الاثنين يتمتعان بمبالغات لفظية ومحسنات بديعية ولغة خطابية تستحوذ علي اهتمام البسطاء الذين يحلمون بالقضاء علي إسرائيل وأمريكا..
نعم كلنا نشترك في كراهية إسرائيل وأمريكا. لكننا لا نريد للمنطقة الخراب.. ولا نريد أن تظل أمريكا في الخليج مائة عام.. إن تصفيق الشارع العربي لكلمات محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإسلامي ولأحمدي نجاد رئيس الجمهورية الإيرانية لن يقضي علي إسرائيل أبداً.. ولن يحرر فلسطين..
المتحمسون لإيران عليهم أن يتحمسوا أكثر لمصالحهم ومصالح بلادهم ومستقبل أولادهم.. فطهران لن تحارب إسرائيل. تأكدوا من هذا.. وسوريا حليفة إيران الوحيدة في الوطن العربي بدأت مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل برعاية تركية.. إذن تركيا الإسلامية جارة إيران الشمالية وسوريا حليفتها العربية لا توافقان علي سياسة إيران الانتحارية التي ستجعل الخليج العربي يضيع كله وليس العراق فقط..
سياسة إيران "الأنانية" ستضيع العرب.. أما استراتيجية مصر "القومية" في حربها مع إسرائيل.. فهي التي حققت النصر الوحيد للعرب علي الدولة العبرية حتي الآن..
الجمهورية
هدد الإيرانيون قبل أيام بأنهم يعتزمون سد مضيق هرمز كرد علي أي تحرك أمريكي أو إسرائيلي ضدهم.. ومن قبل كانوا أكثر تحديداً عندما لوحوا بإغلاق البوابة البحرية إن صدر قرار دولي بحظر تصدير البترول..
هذا التهديد ذكرني بموقف مماثل أقدمت عليه مصر خلال حربها عام 1973 مع إسرائيل. غير أن الفارق بين الموقف المصري ونظيره الإيراني هو خير مثال علي تعريف الحضارة و"البلطجة"..
فمضيق هرمز الذي تطل عليه إيران ليس ملكاً لها. كما أنه لا يدخل ضمن مياهها الإقليمية. ولكنه معبر مائي دولي تطل عليه أيضاً سلطنة عمان وهو بالنسبة للعراق والكويت والبحرين وقطر منفذها التصديري الوحيد.. أما سلطنة عُمان التي تشترك مع إيران في هرمز فهي تطل كذلك علي بحر عُمان المفتوح. وكذلك الإمارات. وهذا البحر يربطهما بالعالم الخارجي وبالتالي فإن عُمان والإمارات هما الدولتان الوحيدتان بالمنطقة اللتان يمكنهما استخدام بحر العرب وبحر عُمان كمنفذين بديلين عن هرمز..
في أيام شاه إيران كان عرش الطاووس يفخر بأنه عسكري البوليس في المنطقة بموافقة ودعم الولايات المتحدة الأمريكية.. فقد رفع محمد رضا بهلوي آنذاك لواء حرية المرور والملاحة لناقلات البترول الغربية لأن الاتحاد السوفييتي السابق كان متحكماً في العراق. وتصور العالم كله أن العراق المواجه لإيران تحول إلي الشيوعية وأصبح "أحمر التوجه"..
المهم أن الشاه كان يحمي الخليج من التواجد الشيوعي إذا ما فكرت موسكو أن تقوم بمغامرة في الخليج. والآن يحمي الخليج جنود أمريكيون وبريطانيون من الخطر الإيراني المرتقب كما يقولون.. مياه الخليج أصبحت أكثر مكانا علي وجه الأرض ازدحاماً بالقوة العسكرية والبوارج الحربية وبطاريات الصواريخ وهي أكبر بؤرة توتر في العالم. ويسهل إشعالها بعود ثقاب..
غير أن الحقيقة أن إيران ستكون في مواجهة مع العالم كله إذا قررت إغلاق الخليج.. فالبترول الذي تنتجه إيران والعراق والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعُمان يصل إلي العالم كله من خلال معبر واحد فقط هو الخليج. وإغلاقه لا يحكم علي دوله فقط بالإفلاس ولكنه يقرر نفس المصير أيضاً للصين واليابان والهند بوقف الصناعة والتنمية. كما سيصيب أوروبا بالشلل.. من ثم تراهن طهران رهاناً خاسراً بأنه لن يصدر ضدها قرار من مجلس الأمن إذا ما أغلقت الخليج.. مع أن العالم كله سيقف صفاً واحداً وراء أمريكا من أجل تحرير المضيق الهام في الخليج. رغم أن بعض دوله مثل الصين لا توافق أبداً علي سياسة واشنطن في كثير من القضايا والملفات.. غباء إيران أنها جعلت دول الحياد تتحد سياسياً مع واشنطن..
بلطجة إيران جعلتها تنسي مصالح الدول العربية والإسلامية المجاورة لها والتي تشترك معها في مياه الخليج. ويعتبر مضيق هرمز منفذها الحيوي!.
طهران ستفرض الحرب علي كافة الدول المطلة علي الخليج رغماً عنها. وستتسبب في رفع أسعار البترول جداً وتدمير الاقتصاد والتنمية.. أيضاً ضرب المنشآت البترولية العربية بصواريخ إيرانية في الحرب الانتقامية المجنونة التي تريد طهران جر المنطقة إليها سيؤدي إلي توقف التنمية تماماً.. لذلك فإن ما تفعله طهران ليس استشهاداً وليس دفاعاً عن الإسلام. ولكنه تدمير متعمد لاقتصاديات الدول العربية وإقحامها في نزاع ليس من مصلحة العرب ولا المسلمين ولا العالم كله أن يحدث.. مصر والسعودية وغيرهما من الدول العاقلة يبذلون كل ما في وسعهم لمنع أي ضربة لطهران.. ودعونا نقارن ماتريد إيران فعله في الدول العربية والخليج وما فعلته مصر في حرب ..1973
أولاً: كانت مصر وإسرائيل في حالة حرب.. والحرب هي حرب الدول العربية كلها ضد إسرائيل علي عكس الوضع الحالي. فطهران ليست في حالة حرب مع دول الخليج..
أرادت مصر خنق إسرائيل بحرياً فتشاورت مع الدول العربية المطلة علي البحر الأحمر وهي السعودية واليمن والسودان قبلها بفترة كافية.. وتتذكرون أن قناة السويس كانت مغلقة آنذاك أمام الملاحة البحرية. لذلك كان الممر المائي الوحيد المتاح للرياض وصنعاء والخرطوم هو باب المندب الذي تمر منه التجارة الواردة والصادرة إلي الموانئ العربية من خلاله..
كانت السفن العربية التجارية تغادر باب المندب في طريقها لآسيا أولأوروبا عبر رأس الرجاء الصالح.. وكذلك الناقلات التي تنقل البترول السعودي تمر من مضيق باب المندب.. إذن مصر عندما اتخذت قرارها بإغلاق باب المندب لخنق إسرائيل استأذنت وتشاورت..
أبلغت القاهرة أشقاءها أن الإغلاق سيكون لفترة محدودة. وعلي الدول المستخدمة لباب المندب أن توفر احتياجاتها الكاملة من المؤن والبترول حتي لا تتأثر اقتصادياتها. ولا تعاني شعوبها من معركة غير مأمونة العواقب..
لكن إيران تطبق حالياً سياسة البلطجة والعربدة في الخليج التي طبقها صدام حسين من قبل.. المضحك أن الذين وقفوا مع صدام أثناء تهديداته لإسرائيل وعند استعراضه ل 6 ملايين متطوع عام 2002 مستعدون لدفن الأمريكان إذا ما حاربوا العراق. وقفوا يتفرجون علي خراب البصرة أيضا وبغداد وهم يزعمون أن الرجل راح ضحية مؤامرة أو خيانة أو غير ذلك..
نفس مؤيدي صدام سابقاً هم المتحمسون لإيران حالياً.. رغم أن صدام والإيرانيين أعداء. إلا أن هذا لا يمنع أن الاثنين يتمتعان بمبالغات لفظية ومحسنات بديعية ولغة خطابية تستحوذ علي اهتمام البسطاء الذين يحلمون بالقضاء علي إسرائيل وأمريكا..
نعم كلنا نشترك في كراهية إسرائيل وأمريكا. لكننا لا نريد للمنطقة الخراب.. ولا نريد أن تظل أمريكا في الخليج مائة عام.. إن تصفيق الشارع العربي لكلمات محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإسلامي ولأحمدي نجاد رئيس الجمهورية الإيرانية لن يقضي علي إسرائيل أبداً.. ولن يحرر فلسطين..
المتحمسون لإيران عليهم أن يتحمسوا أكثر لمصالحهم ومصالح بلادهم ومستقبل أولادهم.. فطهران لن تحارب إسرائيل. تأكدوا من هذا.. وسوريا حليفة إيران الوحيدة في الوطن العربي بدأت مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل برعاية تركية.. إذن تركيا الإسلامية جارة إيران الشمالية وسوريا حليفتها العربية لا توافقان علي سياسة إيران الانتحارية التي ستجعل الخليج العربي يضيع كله وليس العراق فقط..
سياسة إيران "الأنانية" ستضيع العرب.. أما استراتيجية مصر "القومية" في حربها مع إسرائيل.. فهي التي حققت النصر الوحيد للعرب علي الدولة العبرية حتي الآن..
الجمهورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق