5 يونيو 2008

أسبوع ذبح أقباط مصر !! .. بقلم ياسر بركات

ماذا يحدث في مصر ؟ هل ما يحدث مجرد مصادفة ؟ أم أن هناك خيوطاً تجمع كل هذه الأحداث التي استهدفت أقباطا مصريين؟! إن ما يحدث لا يمكن تفسيره بسهولة خاصة أن قوات الامن مازالت تواصل جهودها لكشف النقاب عن هوية مجرمي الزيتون الذين قاموا بعملية إجرامية استهدفت الجواهرجي القبطي ،

فمنذ وقوع تلك الجريمة البشعة في وضح النهار في حي الزيتون والتساؤلات لا تنتهي عن هوية المجرمين القتلة الذين أثاروا الرعب في قلوب المصريين جميعا خوفا من عودة شيطان الارهاب الأعمي وكان من الممكن أن تظل التساؤلات قائمة دون إجابة ، لكن وقوع جريمة مماثلة في الاسكندرية صباح الجمعة الماضي وبعد حوالي 48 ساعة من وقوع الجريمة الأولي ،حيث قام مجهولان تنكرا بلباس نسائي بعملية سطو استهدفت محلا لبيع المجوهرات يملكه قبطي في الاسكندرية ، وكان هذان المجرمان قد هددا الرجل بالسكين قبل أن يسرقا مجوهرات بـ 250 الف جنيه ، ليس هذا فحسب ما جري ففي اليوم التالي ـ السبت ـ تكررت الاعتداءات علي دير ابو فانا بالمنيا وتعرض الرهبان في الدير لوابل من الأعيرة النارية أطلقها مجهولون يقال إنهم من البدو المتنازعين علي أرض الدير منذ سنوات مضت .

ان وقوع تلك الجرائم الثلاث في أقل من أسبوع دفع البعض من هواة النفخ في النار إلي وصفه بأسبوع ذبح الأقباط في مصر ، وقد يبدو الوصف دقيقا لو تم تجميع الحوادث الثلاث دون تمحيص ، فالجريمة الأولي لا يمكن وصفها بأنها إرهابية أو أن الذين قاموا بها استهدفوا رجلا قبطيا ، خاصة أن هناك العديد من الاقاويل بشأن تلك الجريمة الغامضة التي تكثف قوات الامن اجراءاتها لكشف ملابساتها ، وحتي هذه اللحظة لا يمكن لأي شخص مهما كان أن يصفها بأنها جريمة دينية أو سياسية أو إرهابية ، فالضحية كانت له العديد من المعاملات المالية التي ربما كان الخلاف حول بعضها سببا في وقوع الجريمة .

أما الجريمة الثانية التي وقعت بالاسكندرية ، وهي جريمة سطو مسلح بهدف السرقة لا يمكن توصيفها بأنها سياسية أو إرهابية أو دينية ، فالجناة يبحثون عن السرقة سواء كانت سرقة مسلم أو قبطي ، فالهدف واضح وكان من الممكن ان يكون الضحية رجلاً مسلماً.

الجريمة الثالثة التي وقعت بعد ساعات من الجريمتين السابقتين هي استكمال لكارثة قديمة لايريد أحد أن يطفيء نيرانها ، فالخلاف حول أرض الدير والتنازع حولها قائم منذ سنوات ، وقد طالب الرهبان بضرورة بناء سور كبير يحمي الدير من الاعتداءات خاصة من هؤلاء الذين يرون أن لهم الحق في أرض الدير أو في جزء كبير من تلك الأرض ، وإن كانت تلك المجموعات التي يقال إنها تنتمي للبدو في غرب المنيا قد قامت باعتداءات مماثلة في يناير الماضي واستهدفت صوامع الرهبان .

ويعتقد هؤلاء المعتدون أن أرض الدير تم بناؤها علي أرض يملكونها وهي حق لهم ، في حين يري الرهبان أن الدير موجود بالمنطقة منذ القرن الرابع الميلادي، والأراضي الصحراوية الموجودة حوله ليست ملكا لأحد، و طلبوا من المحافظة إنشاء سور حول هذه الأراضي".

وبالفعل قرر فؤاد سعد في مايو قبل الماضي بناء سور يحمي الدير من الاعتداءات ، واعترض الرهبان علي اعتبار أن السور يحمي الجهة الشرقية في حين تاتي التهديدات من ناحية اخري .

إن عرض تلك الأحداث يجعلنا نتأكد أن الخيط الإرهابي الذي يجمع كل هذه الاحداث هو خيط وهمي ، ولا يمكن تفسير الجرائم الثلاث علي أنها طائفية او جرائم تستهدف الاقباط .

وفي الزيتون عشرات المحلات التي يملكها جواهرجية أقباط، وكذلك في الإسكندرية عشرات من الجواهرجية ، وحادث المنيا ليس جديدا بل هو استكمال لماض لابد وان ينتهي ، وليس وقوع تلك الجرائم متعاقبة يمكن تفسيره بالطائفية أو الارهاب .

جريمة طائفية
لقد أسرع الباحثون عن فضيحة لمصر والراغبون في زرع الفتنة علي أرضها إلي تصوير الأمر علي انه جريمة طائفية تعيد الي الاذهان عصر الارهاب القبيح الذي اكتوي المصريون بنيرانه ، وبالطبع كانت المؤشرات كلها في صالح هؤلاء فهناك بالفعل ثلاث جرائم بشعة كان الأقباط عاملا مشتركا فيها ، وبكل أسف هناك من يغذي هذه الاخبار وينشرها ويبالغ في تصويرها ، فهؤلاء كانوا يبحثون عن أي خيط أو أي واقعة يكون فيها عنصر قبطي ، فماذا لو وجدوا ثلاث وقائع او جرائم كان الضحايا فيها من الاقباط؟!!

إن هؤلاء لن يتوقفوا عن تصوير الأمر باعتباره جريمة منظمة ضد أقباط مصر ، وتلك هي الفتنة بعينها ، فالمصادر التي يستقي منها الناس معلوماتهم مصادر كاذبة وتحريضية ، خاصة المواقع الاليكترونية التي يديرها أقباط المهجر، إن نظرة واحدة علي أحد مواقع أقباط المهجر كفيلة بتقديم صورة كاملة عما يريده هؤلاء لمصر وللمصريين ، فعلي الموقع الرئيسي لهم علي شبكة الانترنت والذي تشعر أمامه أن الأخبار والتقارير المنشورة عليه ليست عن مصر ولكن عن بلد يعيش حرباً أهلية ، فالمسلمون يشهرون السيوف والبنادق والرشاشات ويطاردون الأقباط في شوارع القاهرة والمحافظات ،والدماء في كل مكان وعلي كل بقعة من أرض مصر ،ويكتب أحدهم اكاذيب لا يمكن لعاقل أن يصدق أنها تحدث علي أرض مصر قائلاً : " معاناة المسيحيين المصريين أصبحت لطخة عار كبيرة علي جبين العالم الحر.

شعب برمته يتعرض يومياً وبشكل حثيث للإبادة، والعالم يقف متفرجاً صامتاً. شعب يئن تحت وطأة الظلم والاغتصاب والنهب والتعذيب والتهجير والقتل وكل ما في دستور الإسلام من حقد وكراهية.. وكل ذلك يتم تحت نظر الحكومة المصرية التي لا تحرك ساكناً .. كنائسهم تحرق، بناتهم وزوجاتهم تختطف وتغتصب، أملاكهم تُنهب، كرامتهم تُمتهن، وليس هناك من صوت يُسمع في العالم الإسلامي يدين هذه الحملة المسعورة ضدّ هذه الفئة المغلوبة علي أمرها" .

والمبالغة الشديدة الغارقة في بحر الأكاذيب مقصودة ليس لإشعال نيران الفتنة ولا لتحريض أقباط العالم ضد مصر فقط وإنما لتقديم مبررات التدخل الأمريكي تحديداً ، فهذا هو الغرض والهدف ، ، وكان طبيعياً أن نقرأ علي موقع أقباط المهجر تلك العبارات البذيئة عن مصر والمصريين ،": "اثنين مليار من الدولارات تخرج من جيوب المسيحيين في أمريكا كل عام لتطعم أفواه المسلمين الجائعة في مصر، وحين يشبعون لا يجدون إلا دماء المسيحيين . . لقد آن للشعب الأمريكي أن يدرك أن جزءا كبيراً من الضرائب التي تخرج من جيبه تذهب إلي جيوب مجرمين و مغتصبين قتلة مصاصي دماء. .."

انتهي كلام أحد هؤلاء الأشخاص المرضي .. فهل رأيتم أشد من ذلك وقاحة ؟! إن أقباط مصر الشرفاء لم ولن يقبلوا تطاولاً ووقاحة علي اخوانهم المسلمين وبهذا الشكل المتطرف المتشدد الذي يحمل سموم الاحتلال ومبرراتهم في استعمار البلاد تحت لافتات وشعارات كاذبة تخطها أصابع خونة وعملاء .. لقد قالوا هذا الكلام كله عن وقائع صغيرة ، فماذا سيكتبون وهناك ثلاث وقائع متتالية كان الاقباط طرفاً فيها ؟!! إن الخوف ليس مما حدث ولكن الخوف كله من القادم ومن نافخي النار ومشعلي الحرائق الذين يبحثون عن الفتنة ويزرعونها في ارضنا زرعا .

قضية دير أبوفانا.. وقناة كيمي والدور الخفي للمخابرات الأمريكية؟؟ولكن ليس كل ذلك يمنعنا من المبادرة بعلاج جذور قضايا حقيقية قد تؤدي إلي فتنة ونار لا تنتهي ، ومن تلك القضايا قضية دير أبو فانا بالمنيا ، فالصراعات تتجدد هناك كل فترة ، ولا نعلم الي أين ستمضي ، وإذا كان بناء السور سينهي القضية ويحمي الدير والرهبان فلماذا لا يتم بناؤه علي وجه السرعة ، واذا كان هؤلاء المتنازعون يرون أن لهم حقا في أرض الدير فلماذا لا تتوصل معهم الجهات المعنية إلي حل نهائي يضمن للرهبان الأمان في أديرتهم ويبعدنا عن فتنة قد تأكل الاخضر واليابس ، فترويج الشائعات والاكاذيب حول قضية الدير قد يفتح نيران الفتنة ويحول القضية الي اقباط ومسلمين ، في حين أنها أبعد ما تكون عن ذلك .

وفي نفس الوقت لابد من وقف محاولات اشعال الفتنة عن طريق اقباط المهجر خاصة المدعو عدلي أبادير الذي اعلن منذ أيام عن بدء بث قناة "كيمي" التي تكلفت حتي الآن اكثر من خمسين مليون جنيه مصري قيل إن جهات في المخابرات الامريكية شاركت في تمويلها.إن قناة الحياة التي يطل منها زكريا بطرس صنعت عداء وفتنة رغم أنها تبث علي القمر الاوربي ،فماذا سيكون الحال ورجال عدلي ابادير يؤكدون ان قناة كيمي سيتم بثها عبر النايل سات ايضا؟!!

إننا أمام محاولة جديدة للفتنة الحقيقية التي تؤجج الصراع وتجعل حالة الاحتقان قد تصل الي الذروة ، وفي نفس السياق لا يمكن التعامل مع انشاء جامعة قبطية في هذا التوقيت دون خوف وحرص من تحولها إلي بذرة جديدة للفتنة علي أرض مصر ، واذا كان رجال الأعمال الأقباط يرون ان انشاء الجامعة مهم وضروري فعليهم أن يعلنوا ان الجامعة مصرية وليست قبطية .
لقد آن الأوان كي نعيد حساباتنا ونعرف ان هناك حالة تربص حقيقية وليس مبالغاً فيها ، هناك اطراف تريد عراقا آخر هنا علي أرض مصر ، أطراف تلعب بورقة الفتنة الطائفية.


جبهة إنقاذ مصر نقلاً عن الموجز

ليست هناك تعليقات: