17 يونيو 2008

شروط الكنيسة الستة بقلم السيد أبو داود

إدارة الكنيسة المصرية لأحداث ملوي الأخيرة وأزمة دير "أبو فانا" تؤكد حقيقة أصبحت واضحة للجميع، وهي أن الكنيسة استقوت على الدولة المصرية، وأن الدولة المصرية، بأجهزتها ومسئوليها، أصبحت تخاف وتعمل ألف حساب لأي أمر يتعلق بالملف النصراني.

الكنيسة لم تستقوَ فقط على الدولة، بل تضخمت وتمددت وتجبرت، وفي ذلك خطر شديد على الجميع، وفي غير صالح الجميع.

تضخم الكنيسة خطر على الدولة المصرية بالانتقاص من سيادتها وتخويفها ودفعها إلى اتخاذ قراراتها بناء على هذا الخوف والارتباك، وليس بناءً على المصلحة العامة والشخصية القومية والمصلحة الوطنية.

وتضخم الكنيسة خطر على المسلمين بتحميلهم مسئولية أحداث وأمور لا يمكن، حسب معايير العدالة والمواطنة أن يحملهم إياها أي إنسان عادل أو أي قانون نافذ ومستقل ومحترم. وفي هذا انتقاص من حقوقهم لأنهم الأكثرية الكاثرة، وتحكم الأقلية فيهم بهذا الشكل إنما هو ضد أية معايير ديمقراطية؛ لأن الديمقراطية في أبسط معانيها هي حكم الأغلبية، والمسلمون هم الأغلبية.

وأخيرًا فإن تضخم الكنيسة خطر على النصارى أنفسهم، فالكنيسة هنا مثل الدبة التي قتلت صاحبها حينما أرادت أن تحميه. لأن الاستقواء بالغرب، والصراخ والعويل الكاذب، والتضليل الإعلامي المتعمد، كل ذلك سيتراكم في الوعي والضمير المصري، حتى إذا جاء اليوم الموعود الذي تقل فيها قدرة المسلمين على التحمل والامتصاص، سيحدث ما لا يحمد عقباه، وسيدفع النصارى ثمن ما يفعلونه ـ من استفزاز وكذب وتضليل ـ غاليًا.

فمصلحة النصارى هي في الانضمام إلى الهم الوطني المشترك، والعمل من أجل خدمة المشروع الحضاري الإسلامي الذي يخدم الأمة كلها، مسلمين ونصارى.

في الأحداث الأخيرة، والتي ساد فيها الكذب والتضليل والتلفيق على الصدق والحقيقة والموضوعية، وبعد أن أفلح ذلك في تخويف الدولة والمسئولين، وجدت قيادة الكنيسة الطريق ممهدًا كي تتقدم خطوة للأمام؛ فرفض البابا شنودة فكرة عقد جلسة صلح بين طرفيْ أحداث دير أبوفانا.

وتماديًا في الغطرسة وغرور القوة، سلم الأنبا ديمتريوس، أسقف ملوي، اللواء أحمد ضياء الدين، محافظ المنيا، بيانًا بمطالب مطرانية المنيا والدير، للتهدئة وإنهاء الأزمة، أو لنقل شروط التجبر والغطرسة والإحساس بالقوة، حيث تضمن البيان ستة مطالب هي:

1- الإفراج عن مقاول الدير رفعت فوزي، وشقيقه إبراهيم؛ لأنهما بريئان من قتل الضحية.

2- عدم اتهام أي قبطي حاليًا أو مستقبلاً في هذا الحادث كوسيلة للضغط.


3- سرعة القبض على الجناة الذين أبلغ عنهم الرهبان، واتهموهم بإطلاق النار على الدير.

4- سرعة استئناف العمل في بناء السور.


5- تعويض الدير عن التلفيات والمسروقات.

6- إثبات الصورة الحقيقية للحادث دون تزييف.


طبعًا، أسقف المنيا لم يتحرك ويفعل ذلك من تلقاء نفسه، إنما فعل ذلك بعدما جاءته تعليمات وأوامر قيادة الكنيسة، وتعليمات البابا شنودة تحديدًا، الذي يريد أن يبقى بعيدًا خطوة، ويتظاهر بالهدوء والعقلانية والتعاون وعدم التصعيد، في الوقت الذي يشرف على صياغة بيان طائفي متعصب ومتغطرس ليسلمه إلى أسقف ملوي.

وهو نفس ما يفعله مع أقباط المهجر، فكل الشواهد والقرائن والأدلة، تؤكد تعاونه وتنسيقه الكامل معهم، واعتبارهم رأس الحربة في المشروع الطائفي التوسعي المتطرف للكنيسة، لكن الذي يحرص عليه رمز الكنيسة هو نفي أية علاقة له بهؤلاء العملاء والخونة.

لكن هذا اللعب بالثلاث ورقات ينبغي ألا ينطلي على المصريين الوطنيين، سواء كانوا مسئولين أو معارضين، مسلمين أو نصارى، وينبغي أن يكتب المخلصون عن ذلك ليحذروا من مغبته، بدلاً من الإسطوانة المشروخة التي تتحدث عن وطنية شنودة والكنيسة المصرية، حتى لو تم ضبطها متلبسة بمثل هذا البيان والمطالب المتطرفة، التي تشعل الأوضاع وتدفعها إلى المزيد من التوتر.

إن الكنيسة ووسائل إعلامها تريد أن تصبغ أي حدث، مهما كان فرديًا وبسيطًا بصبغة الطائفية؛ لأن في ذلك منافع لهم لا حصر لها، لكن الحقائق التي أعلنها اللواء عدلي فايد مساعد أول وزير الداخلية في تقريره أمام أعضاء لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب، يجب الالتفات لها بشدة واعتبارها أساسًا لتكوين المواقف، وعدم الالتفات إلى ما تروجه الكنيسة ووسائل إعلامها المغرضة والمضللة، والتي تستند إلى الهوى والغرض لا إلى الحقيقة والرقم الصادق.

فقد أكد مساعد أول وزير الداخلية أن عدد محلات الذهب المملوكة لمسلمين، هي الأكثر تعرضًا لاعتداءات خلال الـ 16 شهرًا الأخيرة، فمن إجمالي 57 قضية سرقة محل ذهب، استهدف 34 محلاً لمسلمين في حوادث اعتداء وسرقة، مقابل 23 محلاً مملوكًا لنصارى، نافيًا بذلك أية علاقة بين الحادثين الأخيرين اللذين استهدفا محلين للذهب مملوكين لنصارى بالقاهرة، والإسكندرية وحوادث طائفية.

وكون محلات الصاغة المملوكة لمسلمين تزيد عن تلك المملوكة لنصارى، رغم أن المسيحيين هم الأكثر انتشارًا في تجارة الذهب، يؤكد زيف دعاوى الكنيسة وإعلامها الكذاب؛ لأنه تبعًا لهذه المعلومات فإن ما يحدث للنصارى أقل بكثير مما يحدث للمسلمين، وأن الأمر برمته جنائي بشكل كامل، إنما الغرض والمرض يدفعان القوم إلى جعله طائفيًا.

وإذا كنا نريد الحقيقة ونسعى إليها لتكون فصل الخطاب بين الجميع، فإننا نضع بين يدي القارئ جملة الحقائق التالية التي تكشفت بعد أحداث دير "أبو فانا" بملوي:

1- الحادث ليس له علاقة بمبنى الدير بكل منشآته ومبانيه، ولم يمس أي شيء به سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأن التلفيات أصابت المنشآت الملحقة بعيدًا عن الدير، والمقامة على أراضي الغير وأملاك الدولة بدون وجه حق.

2- القلايات مبنية على مساحة ٨٦ فدانًا، والواحدة تبعد عن الأخرى ما يزيد على نصف كيلو.


3- حدد القرار رقم ١٢٨ لسنة 2000 الصادر من وزير الثقافة حدود الدير، وتقدم الدير بطلب للآثار للموافقة على بناء سور حول الدير ووافقت الهيئة في 13/12/2007 ببناء سور وفق الحدود المشار إليها، وتم البدء في أعمال السور إلى أن أوقف في 18 مايو 2008 بناء على توصية اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والمسيحية لحين تصحيح مسار السور، والذي خرج عن العلامات التي كانت محددة له من قِبل لجنة الآثار.

4- المساحة الفعلية للدير هي ٢٢ قيراطًا و17 سهمًا، أما باقي تلك المساحة والتي تصل إلى 2000 فدان (ألفا فدان) فهي توسعات عن طريق وضع اليد على أراضي أملاك دولة.


5- في ٩ يناير الماضي تم تشكيل لجنة من الوحدة المحلية وأملاك الدولة بالمحافظة والآثار والسياحة، أكدت أن الأرض المقامة عليها القلايات هي ملك الهيئة العامة للمشروعات والتعمير بالقاهرة وفقًا للقرار ٧ لسنة 1993.

6- يعيش في الدير 18 راهبًا و12 طالبًا للرهبنة في مساحة أكثر من ٣ آلاف فدان، في حين أن زمام أهل قصر هور والعزب المجاورة لا يتعدى 1100 فدان.


فهل نؤسس رؤانا ونتخذ مواقفنا على هذه المعلومات الموثقة، أم نسير وراء الكذب والتضليل.
وأين وسائل إعلامنا القومية؟ ولماذا تخاف من أن تجأر بالحقيقة مهما كانت صادمة؟

وهل تعتبر الدولة أن صدعها بكلمة الحق سيؤلب عليها أقباط المهجر وأسيادهم من الأمريكيان والغربيين، فتسكت عن الحق، وتدع أكاذيب القوم لتجد طريقها نحو وعي الناشئة والشباب فتقيمه على الباطل؟

مواقع

ليست هناك تعليقات: