تواجه الديمقراطيات الليبرالية العريقة في العالم وفي مقدمتها بريطانيا ، وضعاً حرجاً في مواجهة الإرهاب، فالإرهابيون بمختلف جنسياتهم الأصلية وتوجهاتهم الفكرية، استفادوا خلال الثلاثة عقود الماضية من كل مزايا التسامح واحترام الإنسان وصيانة حقوقه في الدول الديمقراطية الليبرالية، فلجأوا إليها بمداخل مختلفة، واستمتعوا بكل الحقوق والحريات، واكتسبوا جنسيات تلك الدول.لكن هؤلاء بدأوا خلال الأعوام الماضية يعملون ضد الديمقراطيات الليبرالية التي حمتهم وصانت إنسانيتهم، عندما ألقت بهم دولهم الأصلية في المجهول... فبدأت بعض العناصر في الدعم والتأييد والترويج للمجموعات الإرهابية الإجرامية المتحركة في العالم بحجج مختلفة... والمشكلة هنا تكمن ليس في خطورة الإرهاب وحده ، بل أيضا في خطورة من يدعمونه من دعاة وإسلاميين وكتاب ومحللين ومثقفين عرب من أمثال هاني السباعي المؤيد الكبير لتنظيم القاعدة ولعملياتها والذي تستضيفه المواقع الجهادية المقربة من القاعدة باستمرار، كما انه يعد الآن لدورات لتدريب تنظيم القاعدة على أصول الجهاد، هذا بخلاف الإسلاميين الآخرين المعروفين بالاسم لدى السلطات البريطانية والذين لا يقلون خطورة عن هاني السباعي أو حتى أسامة بن لادن.
كما لا يقف ذلك على الإسلاميين فحسب فمثلاً الكاتب الفلسطيني عبد الباري عطوان يقول في أحاديثه وكتاباته حول زعيم القاعدة أسامة بن لادن في لقاء مع الجزيرة نت : "((الشيخ)) أسامة بن لادن مثلما شاهدت وعشت معه في الأيام القليلة في كهوف تورا بورا لمست أنه إنسان على درجة كبيرة جدا من العلم, فيما يتعلق بالشريعة والفقه والتفسير. حقيقة هذا الرجل على ثقافة إسلامية ومحب للشعر لحد كبير, بالإضافة إلى أنه قارئ جيد ومتابع حاضر للصحافة وللثقافة, وإن كانت الثقافة الإسلامية - كما ذكرت - تغلب عليه حتى في كهفه في تورابورا, أغلب عيون الكتب التراثية موجودة لديه".
وأضاف عطوان : "يمكنني أن أقول أن ((الشيخ)) أسامة بن لادن ممتع وعميق ثقافيا بتواضع طبيعي غير مصطنع, فهو لا يستعرض بثقافته بل تلمسها قبسات سريعة في شكل حوار عادي, وذلك ما كنت ألاحظه حينما أتمشى معه حوالي الساعتين في كهوف باردة" على حد قوله.
وكان عطوان من أوائل الصحفيين الذين نشروا تبني وتأكيد القاعدة لتنفيذ تفجيرات مدريد ، وكأنه على صلة وثيقة معهم، كما لا يخفى عن الجميع كتابه الشهير عن القاعدة "التاريخ السري للقاعدة" الذي حكى فيه أسرار وكأنه كان عضواً داخل التنظيم.
ومما لوحظ من جس نبض أنصار القاعدة على مواقعهم الجهادية أنهم معجبون جداً بعطوان الكاتب المؤيد للقاعدة، لدرجة وصلت إلى إلغاء أية موضوعات من المنتدى الجهادي قد تعرض الرجل للخطر الأمني .
وحول العمليات الأخيرة في غزة يؤيد رئيس تحرير صحيفة القدس العربي عمليات الفصائل الفلسطينية قائلاً : "اجتياح إسرائيل لقطاع غزة لن يوقف المقاومة ولا صواريخها، وحتى إذا توقفت فلفترة مؤقتة، والتهديد بمحرقة في قطاع غزة قد يرتد على مطلقيه بالقدر نفسه، وربما يكون أي عدوان إسرائيلي على لبنان محرقة لإسرائيل نفسها".
- ويقول عطوان في إحدى كتاباته : ((السيد)) حسن نصر الله عندما يهــــدد باستخدام أسلحة جديدة تدمر(إسرائيل) فإنه يعني ما يقول.
- ويضيف عبد الباري "الصواريخ وحدها، قادرة على طرد إسرائيل" هكذا يؤمن ويفسر الأمور.
يقول الكاتب الأمريكي دانيل بايبس : هناك خطر كامن في إيواء بريطانيا لمتطرفين يمثلون تهديدا عليها وعلى العالم. وأضاف "الخطر يكمن في وجود بذور لصراع الحضارات حيث يقسم العالم إلى معسكرين أخلاقي ولا أخلاقي، و خير و شرير.
واستطرد بايبس قائلا : إنه من الخطأ الشديد التقليل من ذلك التهديد على العالم وتجاهله لأنه بذلك سوف يستفحل ولن يتلاشى، مشددا على أن الحل الوحيد هو مجابهته والقضاء عليه والانتصار الحاسم في المعركة ضده. ورفض بايبس دعم شخصيات رأى أنها تمثل التشدد والتعسف.
وكانت بريطانيا قد عقدت العزم في وقت سابق لمداهمة مجموعة من المتطرفين المقيمين على أرضيها بغية طردهم في إطار لائحة "السلوك غير المقبول" التي وضعتها ضد المتطرفين.
وكان وزير الداخلية البريطاني الأسبق تشارلز كلارك أعلن في عام 2005 عزمه على إسكات او طرد الاجانب الذين "يحرضون ويبررون او يمجدون العنف الإرهابي" وذلك ردا على اعتداءات لندن التي أودت بحياة 56 شخصا بينهم الانتحاريون الاربعة في السابع من يوليو/ تموز.
وكشف كلارك عن سلسلة من "السلوك غير المقبول" وأعلن انه سيستخدم صلاحياته لإبعاد أو طرد أجانب يقومون بإحدى الأنشطة المحظورة، وهو ما حدث مع البعض بالفعل ،ولكن يبقى البعض الآخر حراً طليقاً يدعم الإرهاب ، ربما هم أشد خطراً من الإرهاب نفسه.
خاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق