الاخوان ونظام مبارك وإدارة التغيير .. إلى أين ؟
نظام مبارك لا زال يصر على فرملة اي تغيير حقيقي في مصر، الإخوان قدموا كل ما لديهم واستنفذوا كل شئ ، قدموا كل الضمانات وكل وسائل الطمأنة ، رغم سوء النوايا المحيطة بهم .
الإخوان عليهم أن يفتحوا ذراعهم لكل طوائف المجتمع: ليبرالي إسلامي ناصري نظام سابق .. إلخ .
أعتقد ان حكومة محمد مرسي ليست لها اي مشكلة مع أي أطراف سياسية موجودة في الشارع المصري ، بل إنهم ذهبوا لأبعد من ذلك، بقايا نظام مبارك يجرى إعادة دمجه من جديد في المجتمع بخلاف من هم في السلطة ، تأكيدًا من الاخوان على انهم لم ياتوا لإقصاء أحد او فصيل ، ومشكلتهم تكمن فقط مع الفاسدين والمخربين .
لم أدخل في أعماق نوايا جماعة الاخوان والرئيس محمد مرسي ، لكن لا أرى فيما يحدث في مصر، إلا ثمة تحرش بجماعة الاخوان ومحمد مرسي ، وعرقلتهم عن :
ليس تحقيق نهضة أو انجاز كبير في مصر او طفرة كبيرة ، وإنما هناك عرقلة تجري لفرملة وصول مصر الى مسمى "دولة" ، مثلا : السعودية دولة ذات مؤسسات ومستقرة .
لكن ما يجري في مصر هو عرقلة للوصل إلى مفهوم الدولة، وليس عرقلة مشاريع ، فالحديث عن تطور أو تنمية حقيقية في مصر يحتاج لسنوات، وبالتالي فإن نظام وبقايا مبارك ، يسعون لفرملة تشكيل الدولة، وتخريب الدولة .
ليس باستطاعة الإخوان الان تحقيق تغيير حقيقي في مصر ، إلا على المدى البعيد ، لكن على القوى المحلية والاقليمية والدولية ان تسمح ببناء مؤسسات الدولة أولا ، وترفع يدها عن مصر ، ثم تبدأ في التفكير (بعد بناء الدولة والمؤسسات) فيما اذا كانت مصر ستبنى ام ستظل متخلفة .
فالمطلب الرئيسي أن يكون هناك دولة اسمها مصر بالمفهوم الحقيقي للدولة، اما ان تكون كل المؤسسات مدمرة ومخربة، ويحدث ما يحدث في التحرير ، فإن ذلك يدعو للقلق.
المطلوب أن تتغير مصر وتصبح دولة مصر الآن ، وبعد ان تتغير إلى مسمى الدولة ، يمكن ان نفكر بعد ذلك فيما ان كان هناك نهضة او ليس هناك نهضة .
في أي ثورة تجري في اي دولة، من المفترض السماح بقدر من التغيير في احوال الناس ، والا فمن جاهد لكي يكبح جماح الثورة ، لن يستطيع بسبب سوء إدارته ان يوقفها ( اسألوا علماء النفس ) إذا ظهر سمة تحسن في احوال الناس ولو قليل ، فإن جماهير الثورة والناس سوف تتفرق ويذهب كل واحد لعمله، بعد ان شعروا ولو بقدر صغير من التغيير او التحسن في اوضاعهم ، لكن ان يفكر البعض في عودة نظام مبارك وبقاء مؤسسات مبارك كما هية، فهذا ضرب من الخيال وأحلام مريضة !! .
ليس هناك مشكلة اعتقد بين الإخوان ونظام مبارك أو أجهزة مبارك، المشكلة بين الاخوان والفاسدين (الفساد غير مرغوب فيه محليا ولا إقليميا ولا دوليا ) .
بعد القضاء على الفساد بمساعدة كل الاطراف في الدولة ، يتم فتح الابواب للجميع ، وقد حدث بالفعل أن فتح الاخوان كل الابواب ، حتى لرجال مبارك الذين لا يزالون في الحكم وربما من خرجوا من الحكم وحتى الفاسدين في نظام مبارك فماذا يريدون ؟.
في اي ثورة عظيمة تحدث لا بد من تغيير او تحسن ولو نسبي في حياة الناس، وهذا لا يحتاج إلى وقت طويل ، ربما فقط يحتاج إلى قرار ، أما ان تحدث ثورة ، ويتم الالتفاف عليها لدرجة تصل إلى محاولة اعادة حسني مبارك شخصيًا ، فسوف ينتج عنه ثورة مدمرة تطيح بالجميع ولا يبقى سوى الشعب بعد ذلك ويبقى الحكم للشعب.
لذلك على من يدير التغيير في مصر أن يدرك جديا حاجة الجماهير للتغيير وتحسين أحوالهم، فالثورة اصبحت في نفوس الكثيرين مثل القرآن، مع الفارق طبعا ، لكن الايمان بالتغيير اصبح واقعا يعيشه كثير من الناس ، ومع عدم تحسن أحوالهم فإن انقلابا قادما لا محالة في الطريق سوف يطيح بالجميع وسوف تغرق لاسفينة لا محالة.
عندما يسعى الإخوان للتغيير وبناء الدولة فإنهم يريدون التعمير والبناء، ولا يريدون الحرب مع احد مثلما يردد الكثيرون ، بل انهم يسعون للبناء ربما من اجل مصالحهم وربما ليس من اجل المصريين ، لكن هل تركنا الفرصة لهم ؟
ليس هناك مشكلة بين الاخوان والمجتمع الدولي حقيقة ، لا ادري ما سبب كل ما يحدث في مصر ، الاخوان متفهمون للمصالح الدولية ولمصلحة كل الاطراف ، لذلك انا لا افهم حقيقة مبرر ما يحدث في مصر !!
لا اريد ان ادخل في الحديث عن لغة المخططات او التربص بمصر من قبل بعض الدول هنا وهناك ، لكن على الجميع في مصر وخارج مصر ان يعيد حساباته ويعيد التفكير في أساليب وطرق إدارة التغيير في مصر، حتى ولو كانت ثوابت او مخططات ثابتة لديه، لكن عليه ان يعيد قراءة الواقع من جديد وإلا سوف يكون (مثل الذي قتل دابته فلا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق