
وفي ذات الوقت ، لا تفتأ أمريكا تغمز جماعة الإخوان المسلمين وتحاول التقرب منهم ، أو محاورتهم ( وهو ما حدث ويحدث بالفعل) لتحقيق نفس المصلحة (الضغط على النظام لتحقيق مكاسب) وهي سياسة "الضغط والتحصيل" ، يتبعه تظاهر إخواني بالرفض والاشتراط بوجود الخارجية المصرية ، لكن أفعال وتحركات ومنهج الإخوان السياسي في مجمله يؤكد مغازلتها وحتمية تفاعلها مع المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة.
مشكلتنا الحقيقية تكمن في الإخوان المسلمين، الذين ينافقون ويراوغون ، ويمارسون أعتى أنواع التقية ، فهم أصحاب الموقف الغامض والمهترء والضبابي والمهزوز ، الغير واضح المعالم، الذي يحاول أن يتلوى مثل الثعبان ويتمايل ويتخابث ، لتحقيق أغراضه ومصالحه السلطوية ، والتي يكون فيها أبعد ما يكون عن الدين الإسلامي الحنيف.
عندما يجتمع الإخوان المسلمون مع الأقباط ليتحدثوا عن مشاكل المسيحيين في مصر فلا تبحث عن أسباب الاحتقان أو مشاكل مصر أو معاناة الشعب، لكن ابحث عن الأصابع الخارجية الأمريكية التي حركت الطرفين المتخاصمين ووحدتهما في مواجهة مصر الدولة، وهو ما برز في الندوة التي عقدت في صالون ابن رشد بمركز القاهرة لحقوق الإنسان والتي كان د.محمد جمال حشمت الإخواني وسمير مرقص العلماني المسيحي! أبرز نجومها.
أي مصلحة تتحقق لمصر ولشعبها ولحل معاناتها في اتحاد الإخوان والأقباط ، أي قضايا ومشاكل وطنية يتم انجازها في التقرب من الأمريكان ، ومحاولة رسم صورة سياسية للإخوان مغايرة للواقع الإسلامي ، وللواقع السياسي أيضاً.
هل يظن الأقباط والإخوان أن أمريكا تريدهم أن يصلوا إلى السلطة ؟؟!، خابوا وخسروا لو ظنوا لبرهة أن ذلك يمكن أن يحدث ، ألم يدرك الإخوان المسلمون جيداً ما حدث من المجتمع الدولي بقيادة أمريكا لربيبتهم ، ومعشوقتهم حركة "حماس" ، ألم يتفهم هؤلاء حقيقة النوايا الدولية لكل ما هو إسلامي .
إذن خلاصة القول ماذا يريد الإخوان وماذا يريد الأقباط ، الخلاصة أنه لن تجمل تحركاتهم ولا أهدافهم إلا في اتجاه تحقيق مصلحة شخصية وخدمة آنية ، ليست على المدى البعيد بالطبع ، فلوا أن الجمل مر من "خرم " الإبرة لما تولى الإخوان ولا الأقباط مقاليد الحكم في مصر ، إذن هم يريدون مصلحة ومنافع ، وسلطة يحلمون بها ، هم أبعد ما يكون عن تحقيقها ، اللهم إلا مزيد من الضغط على النظام من أجل كسب مزيد من المكاسب والمصالح والتنازلات التي تصب في مصلحة أمريكا وحليفتها إسرائيل.
وفي الوقت الذي أجمع فيه القاصي والداني الصغير والكبير على أن مشكلات الأقباط محلية وفردية ولا يجب توسيعها دولياً وأن ما يقوم به أقباط المهجر العملاء في الخارج محاولات رخيصة لإثارة الفتنة وقلب الحقائق ، حتى أنه تأكد من داخل الأقباط والكنيسة أنفسهم، في المقابل تجد الإخوان والأقباط يتفقون معا ويتحدون معاً- في ندوة "مستقبل الأقباط في مصر.." التي حضرها النجمان حشمت ومرقص برعاية حقوقية -: على أن "أزمة الأقباط لا تنفصل عن المناخ العام ومشاكل القوى السياسية والنقابات وغيرها، والتي تواجه نظامًا مستبدًا وفاسدًا"، محمَّلين هنا النظامَ الحاكم مسئوليةَ ما حدث ، دون الإشارة من قريب أو من بعيد إلى لب القضية وأساس المشكلة.
والملاحظ لسيناريو إشعال الفتنة في مصر باستخدام قلة عميلة من الأقباط، قد بدأ باستخدام الإخوان؟؟!! كيف باستخدام الإخوان ؟!
لو رجعنا إلى الوراء قليلاً عندما كنا نتحدث عن حوار صحفي أجرته "إيلاف " مع مرشد الإخوان صاحب الطزات والسقطات الشهيرة ، الذي أكد فيه ( ونفى ذلك فيما بعد) أن أسامة بن لادن زعيم القاعدة هو "مجاهد"، وهو ما قلب الدنيا على رأس الجماعة ساعتها ، هذا الحوار كان نقطة البداية ، وانطلاق اللعبة الدولية الأمريكية باستخدام إيلاف ذلك الموقع الداعر العلماني القذر ، المروج للسياسة الامريكية والغربية في المنطقة ، والذي يهاجم الإسلام والمسلمين والأنظمة .
والمتذكر يلاحظ أن الحوار في مجمله لم يأت لسواد عيون الإخوان ، ولكن جاء لفبركة تصريح متشدد لمهدي عاكف عبر جره للمحظور والممنوع ، لمحاولة الضغط على الجماعة واستثارتها من خلال رسم صورة ، مرعبة لها في مواجهة الأقباط المعتدلين المنكسرين، الذين لا حول لهم ولا قوة في ظل دولة تتبنى وتسكت على التشدد والإرهاب ، بحسب محاولات تصويرهم أو رسمهم للمشهد العام أو الأرضية التي يبدأ منها مخطط الفتنة.
وبعد ذلك بدأ المخطط الدولي بتصعيد حادث الزيتون الذي لم يعرف بعد مرتكبه ، وتوالت الأحداث الفردية بعد ذلك ، ليتلقفها الإعلام الغربي والمحلي المرتبط به ، متبوعاً بعد ذلك بتحركات قبطية خارجية أشبه بعرائس تحركها لوبيات يهودية ومسيحية ، تحاول تشويه الصورة لتحقيق أغراض معينة.
وبعيداً عن المحاولات الخارجية ، نجد في الداخل جماعة الإخوان المسلمين الذين يسعون بصورة مؤكدة إلى جذب المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة إليهم من خلال أمور عديدة تبرز في: الإيحاء بلعب دور سياسي في التأثير علي صنع القرار السياسي ، ومن خلال سلوك قيادات الجماعة عبر التظاهر بالاهتمام بقضايا وتفاعلات السياسة الخارجية المصرية.
وأمريكا باعتبارها الدولة الأعظم في العالم، تراقب وتسجل الأوضاع الداخلية وتفاعلات القوي السياسية المحلية، وارتباطاتها بالتفاعل الدولي حول مختلف القضايا ذات التأثير والمغزى علي تطور نمط العلاقات بين الدولة والمجتمع.
والقضية ليست في أنه هل هناك علاقة أم لا، بين الإخوان وأمريكا وإنما ما طبيعة العلاقة من حيث: هل هي علاقة تأييد وتدعيم للأهداف العظمي لصانع القرار الرئيسي، أم علاقة خاصة تعمل علي أجندة خارجية بقصد التأثير السلبي بالانتقاص من قدرة صانع القرار الرئيسي الوطني في تفاعله مع القوي الدولية الأخرى ؟
وهل هي علاقة تسمح باستخدام ممكنات وإمكانيات الجماعة كأداة من أدوات السياسة الخارجية؟ وللعلم، أدوات السياسة الخارجية لا تعمل فقط في المجال الخارجي، بل قد يمتد تأثيرها وتعمل علي تفعيل صياغات سياسية داخلية بقصد التأمين الدولي، لتحقيق تطور سياسي داخلي ما.
إن الإخوان جماعة سياسية تسعي إلي السلطة السياسية بجميع الوسائل والطرق، بحيث تحدد هذه الوسائل والطرق من خلال تفاعل منطق الفرص مع منطق القيود السياسية الداخلية والدولية.
إن الولايات المتحدة تحتفظ بمسارات خاصة للتأثير والتفاعل مع الإخوان المسلمين سواء باعتبارها جماعة محلية داخلة في السياسة الداخلية المصرية، أو باعتبارها تنظيما دوليا قادرا علي صناعة اتصالات دولية مؤثرة في القطاع الإسلامي العالمي سواء المتطرف أو المعتدل منه.
إن مصر وهي تحارب، من أجل تكامل أمنها القومي، يقودها منطق الصرامة والحنكة والانتباه في صناعة قراراتها في مجال الأمن القومي. وإن خطورة الإخوان دوليا أنهم منظمون في شكل تنظيم اتصالي دولي له العديد من المؤسسات والبنوك والجمعيات ومراكز البحوث في أوروبا وأمريكا وأحزاب سياسية ، ولازالت دول ومنظمات دولية تعمل علي تحسين القدرة الاختراقية للتنظيم لدول ومجتمعات العالم الإسلامي.
نقطة هامة يجب التأكيد عليها ، فبعد ١١ سبتمبر لم تتم إدانة الإخوان كتنظيم دولي في إطار الحملة الأمريكية ضد الإرهاب، فظل الكثير من قيادات الإخوان المصريين ومن التنظيم الإطاري الدولي يرتحلون إلي أمريكا ويتفاوضون مع السفارات الأمريكية في بلادهم.
كما نلاحظ نمو التعاون بين التنظيم الإطاري الدولي للإخوان والسلطات الأمريكية بمستوياتها المختلفة، كما ظهر جليا في السودان وتركيا وباكستان والجزائر والعراق والأردن ومصر واليمن وإيران.
خاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق