ما أكثر الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها أمتنا .وما أكثر السهام التي تتغرس في أجسادنا .. والجراحات التي تصيب قلوبنا .
واليوم يخرج علينا المشهد اللبناني بسيناريو كنا نكذب عقولنا إذا ما خطر يوما ً عليها .. ليضيف هذا المشهد خطأ استراتيجيا ً جديدا ً من أخطاء أمتنا ليعمق من جراحاتها ويزيد من آلامها .. ألا وهو احتلال حزب الله مؤقتا ً للعاصمة اللبنانية بيروت ..
* لقد كان إرسال الجيش المصري إلي اليمن في الستينات ..
* واحتلال صدام للكويت بحجة دعم العراق بأموال الكويت لمواجهة إسرائيل وتحرير القدس ..
* ودمرت القاعدة برجي التجارة الأمريكية بنيويورك بحجة إذلال أمريكا ..
* وقتل جماعة مقتدي الصدر والشيعة فى العراق للسنة هناك بحجة تصفية البعث , حتى انهم ما تركوا احدا يسمى ابا بكر او عمر الا قتلوه .
كانت هذه كلها من أبرز الأخطاء التاريخية والإستراتيجية الخطيرة التي أدت إلي أسوأ النتائج :-
* فالأولي: أدت إلي هزيمة يونيه والتي احتلت فيها سيناء والجولان والضفة الغربية والقطاع .. ومعهم القدس لأول مرة منذ أن حررها صلاح الدين الأيوبي " رحمه الله " .
* والثانية : أدت إلي احتلال العراق وتمزيقه وتشريد أهله ونزع أمنه وأمانه .
* أما الثالثة: فادت الى احتلال افغانستان واضطهاد الحركات الاسلامية على مستوى العالم من شرقه الى غربه.
* واما الرابعة : فأدت إلي شرخ مذهبي وطائفي في العراق لا يمكن علاجه .. وحولت العراق إلي بلد الجحيم الذي يلقي فيه أهل السنة عذابا ً لم يلقه يوما ً من اليهود أو الصليبين .
* وفي هذه الأيام قام حزب الله بخطأ جسيم لا يقل شناعة عن الأخطاء الإستراتيجية السابقة .. إذ قام باحتلال العاصمة اللبنانية بيروت بواسطة مقاتليه ليهدم وعدا ً جازما ً كان قد قطعه علي نفسه بعد انتصاره المشرف علي الجيش الإسرائيلي ودحره من لبنان وهو " ألا يستخدم الحزب سلاحه إلا في وجه عدوه وعدو الأمة المغتصب لأرضها وبلادها وهي إسرائيل " .
ولكن مع أول اختبار جدي لهذا الوعد إذا بالحزب ينكث عن عهده ووعده ويستعرض قوته أمام الفرقاء بل أمام الأمة جميعا ً ..
لقد تمدد حزب الله طولا ً وعرضا ً ولم تعد لبنان الصغيرة قادرة علي استيعاب تمدده وقوته البشرية والعسكرية والإعلامية .
* لقد صفق المسلمون كثيرا ً لحزب الله حينما دحر الجيش الإسرائيلي وربما أسرف البعض في مدحه وإطرائه .. ولا لوم عليهم ولا تثريب لأن الهوان الذي نتجرعه جميعا ً كل يوم علي يد الإسرائيليين في فلسطين والأمريكيين في العراق وأفغانستان .. دفع الجميع إلي التأييد الجارف وشبه المطلق لمقاتلي حزب الله الذين فرضوا الذل والصغار علي الجنود الإسرائيليين في جنوب لبنان .
* وكم كان يتمني الجميع وخاصة أهل السنة الصالحين أن يحافظ حزب الله علي صورته بيضاء ناصعة وأن يتخلي عن أفكاره العقائدية الشيعية الفجة ضد الصحابة خاصة وأهل السنة عامة .
لقد كنا نعلم جميعا ً أن حزب الله يمارس ضدنا من وسائل الخداع الكثير والكثير .. وقد كان أهل السنة مهيئين لقبول الخداع بل وتصديقه .
وحزب الله ليس أول من يخدعنا ولكنه قد يكون من أمهر وأذكي من خدعنا ..
* لقد كان أهل السنة يعلمون أن حزب الله لا يخدم الأجندة العربية والإسلامية في المقام الأول ولكنه يخدم الأجندة الإيرانية ولكن ما حيلة أهل السنة في هذا الوضع الصعب حيث لا راية لهم ولا دولة ولا إمام .. ولا حتي نموذج أو قدوة يحيي فيهم الأمل ويبث فيهم روح صلاح الدين وقطز وبيبرس .
إن احتلال بيروت بواسطة مقاتلي حزب الله جرد الدولة اللبنانية مما بقي لها من مقومات السيادة والسلطة .. ومارس عليها أعلي بل أقسي درجات الابتزاز والتسلط .
إن حزب الله لا يريد من الدولة ومن الآخرين جميعا ً إلا أن يقوموا بدور المحلل وشاهد الزور لكل مشروعاته وآماله الخاصة .. وإلا فإعلامه سيفضح الآخرين الذين لا نرضي نحن أيضا ً عن توجهاتهم ..والسيارات الملغومة ستحصد المخالفين الآخرين .
ولن تستطيع الدولة إثبات أي تهمة علي أحد .. وذلك لسبب بسيط : أن الدولة اللبنانية شبه محتلة من سوريا وإيران وحزب الله .
* إننا نقول لحزب الله إن مقاومة الاحتلال عمل مشروع ومشرف .. ولكن أن تتحول هذه المقاومة إلي فزاعة للآخرين .. وتتحول أفكار وتوجهات حزب الله إلي صنم لابد وأن يسجد له الجميع بما فيهم أهل السنة وإلا أصبحوا موالين لليهود والغرب وأمريكا..فهذا والله مالا يقبله عاقل فضلا ً عن مسلم يعمل للإسلام .
إن الجميع يتساءل لماذا يدفع اللبنانيون كل شئ .. والجولان السورية لم تقم فيها مظاهرة واحدة ضد العدو الإسرائيلي .. مجرد مظاهرة أو اعتصام أو حتي إضراب عن العمل ليوم واحد .. ولو ذرا ً للرماد في العيون .
لماذا يريد الجميع بما فيهم سوريا وإيران وأمريكا أن تحارب لبنان بالوكالة عنهم .. وأن تقوم هي بالدفاع عنهم ضد الآخرين .. وأن تدمر بين الحين والآخر من أجلهم .
* وهل جربت سوريا أن يحارب آخرون علي أرضها دون إذن أو حتي علم للدولة والحكومة التي تستيقظ صباحا ً لتري الطائرات وهي تدك دولتها .. وهي لا تدري عن الأمر شيئا ً .
* إن إعلان الحرب لهو من أخص الخصوصيات السيادية في كل الدول حتي في الشريعة الإسلامية .
لقد تعدي حزب الله دوره كحزب سياسي مسلح في دولة صغيرة مثل لبنان .. ليصبح اليوم قوة إقليمية تفوق في قدراتها السياسية والإعلامية والعسكرية والإستراتيجية قدرات كثير من دول المنطقة التي أصبحت اليوم بلا أثر أو تأثير .
لقد أصبح الحزب لاعبا ً أساسيا ً ورئيسيا ً في كل ما يدور في المنطقة .. وهذا الدور قد يجر الويل والثبور علي لبنان أولا .. وعلي المنطقة ثانيا ً .. بل قد يجره أيضا ً علي حزب الله نفسه إن لم يرجع إلي حصافته السياسية السابقة .
ونقول للذين يقارنون اليوم بين حسن نصر الله وسعد والحريري .. إن هذه المقارنة خاطئة .. ولكن قارنوا بين سعد الحريري وبول بريمر جديد في لبنان .. وساعتها لن نبكي علي فلسطين والعراق وأفغانستان فقط .. بل سنبكي أيضا ً علي سوريا .. ونلعن الأيدي التي صفقت لحزب الله يوم أن احتل بيروت .. والأيدي التي صفقت من قبل لعبد الناصر في اليمن .. وصفقت لصدام في الكويت .. وصفقت للقاعدة في 11 سبتمبر .. وصفقت للصدر وهو يقتل ويذبح أهل السنة في العراق ..
* إن احتلال بيروت بواسطة قوات حزب الله ما هي إلا بروفة للسيطرة عليها عند الضرورة .. ودحر الخصوم وعلي رأسهم أهل السنة وتحويل لبنان إلي دولة شيعية .. ولذلك كان لافتا ً للنظر اشتراك ميلشيا أمل في هذا التدريب الميداني .
لقد نفذ المقاتلون الخطة بمنتهي الدقة واختبروا فيها كفاءتهم وخططهم ومرونتهم وأسلحتهم .. حتي تأتي الظروف الإقليمية والدولية المناسبة ليتم هذا الأمر علي الحقيقة .
* أما شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله والتي كانت هي الذريعة لهذا الاستعراض الميداني للقوة العسكرية الشيعية فهي من الضخامة والتقدم التقني الذي لا يتناسب أبدا ً مع ميلشيات أو قوات غير نظامية .. إذ أنها تفوق في إمكانياتها شبكات أقوي جيوش المنطقة كما أنها ترتبط بأنظمة إنذار ومراقبة تابعة للمخابرات السورية والإيرانية .
والجيش اللبناني نفسه لا يملك عشر قوة هذه الشبكة .. كما أن الشبكة تمتد في لبنان كلها وليس الجنوب فحسب " موطن المقاومة " .. والذي تحرر بالكامل من قبل .. وبدلا ً من كفاح سوريا لتحرير الجولان .. المحتل منذ أكثر من ثلاثين عاما ً .. إذا بالجميع يكافح من أجل قطعة أرض صغيرة في " مزارع شبعا " .
* كل هذه نذر لما هو آت .. ناهيك عن آلاف المخازن من الأسلحة الخفيفة والثقيلة والتي لا يمتلكها إلا طرف واحد فقط هو حزب الله .. أما أهل السنة فمصيرهم قد يكون كمصير كل أبي بكر وعمر في العراق ..
* إننا اليوم لا نلوم حزب الله علي ما يفعل .. فقد علمتنا الحياة أن القوي يفعل ما يريد .. ولا عزاء للضعفاء .. ولكننا نلوم أهل السنة دولا ً وأفرادا ً وعلماء وجماعات .. إذ أنهم تخلوا عن كل شئ بدء ً من الجهاد وحتي أسس الدين حتي فعل بهم الآخرون ما يريدون .
* أين الدول الصالحة لترفع علم الحق فيتبعها الصالحون من كل حدب وصوب ..
* أين أولو العزيمة ممن يوالون الله ورسوله ويعيدون مجد أمتهم الغابر .
* إننا لا ندري هل نحن ضحية حزب الله أم هو ضحية لنا .
أم أننا وحزب الله ضحية لأمريكا وإسرائيل وإيران والعجز العربى .
موقع الجماعة الإسلامية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق