بسم الله الرحمن الرحيم : إن الناظر في تاريخ الحركة الإسلامية المصرية يري كيف أن النظام قام بمحاولات عدة إستطاع من خلالها إحتواء العديد من قياداتها , فمنذ أن زَجَّ الملك بالإخوان المسلمين في السجون عام 1948 وحتى صدور وثيقة الشيخ سيد إمام عام 2007 شهدت السجون المصرية العديد من التراجعات الفكرية كانت من أجل تحقيق مصالح عليا للجماعات نفسها فقد لجأ الشيخ حسن البنا (رحمه الله) إلي استرحام واستعطاف الملك لاخراج الجماعة من السجون ، فالتقي بالوزير النصراني كريم ثابت باشا - رجل الملك - بوساطة الصحافي مصطفي أمين وقال له الشيخ البنا إن الجماعة انحرفت باشتغالها بالسياسة وأنها تعرض على الملك أن تعود هيئة دينية لاصلة لها بالسياسة وأن تؤيد العرش وبالرغم من هذا فلم يأمر الملك بالافراج عن الاخوان .>>
ثم جاء جمال عبدالناصر فاحتوى بعض قادة الإخوان وضرب بعضهم ببعض وفرّق الجماعة، ثم قتل قادتها وعذَّبهم عذابا يفوق التصور ثم طلب منهم كتابة مراجعة لافكارهم فثبت الله أعلاماً منهم مثل الشيخ سيد قطب والحاجة زينب الغزالى لكن المرشد الشيخ حسن الهضيبي (يرحمه الله) وأخرون نظروا الى مصلحة الجماعة فسطروا كتاب (دعاة لا قضاة) ثم طلب من الجميع كتابة وثيقة تأييد للرئيس بدمائهم فكتبوها إلا قليل منهم .
>>
وظل الإخوان في السجون حتي جاء أنور السادات إلي الحكم، وهنا يقول الشيخ عبدالحليم خفاجي - في مذكراته - قال : ( إن عمر التلمساني أراد أن يسدّ فجوة عدم الثقة بيننا وبين المسئولين في الدولة ، وأن يفتح طريقا للتفاهم لطرد هذه الصفحة السوداء ، فرفع إلي المسئولين عن طريق إدارة السجن مذكرة كبيرة حول أهمية اللقاء المباشر مع من يهمهم الأمر كبديل لهذه الأساليب البربرية ، فعل ذلك إعذاراً إلي الله ، وتحمَّل بعض العنت من قلة من الإخوان أبوا هذه الخطوة عليه) .
>>
وقبل إغتيال السادات بأشهر قال الشيخ عمر التلمساني ( يرحمه الله ): ( كنت علي اتصال دائم بأجهزة الداخلية لمساعدتها في ترسيخ الأمن - إلي أن قال - وكان من فضل الله عليَّ ماذهبت إلي كلية ثائرة لأمر من الأمور إلا وعدت موفقا وكان جهدي موضع شكر المسئولين في وزارة الداخلية - إلي أن قال - وكنت ألتزم الموضوعية البحتة وأدعو إلي ضبط الأعصاب عند الأحداث المثيرة حتي قال لي أحد المعتقلين من أحد الأحزاب في سبتمبر - أيلول - إنني جمدت أعصاب الشباب ووضعتها في ثلاجة ).
>>
أما جماعة الفنية العسكرية التي حاولت اغتيال السادات وعمل انقلاب عسكري فبعد أن نفذ الحكم في البطلين صالح سرية وكارم الأناضولي (رحمهم الله) أعلنت بعض القيادات أسفها عما قاموا به وهاجموا التطرف والعنف على صفحات الجرائد الرسمية طمعاً في الخروج من السجن بعد قضاء نصف المدة ، وهم حسن السحيمي ومحمد ياسر السعيد وهاني الغزنواني الذين ينفذون أحكاماً بالأشغال الشاقة المؤبدة ، وقالوا إننا نحذر الشباب من خطر المجموعات الأصولية ولاتكرروا أخطاءنا ، استشيروا الفقهاء والعلماء ولاتختاروا أي منظمة أصولية . وقال السحيمي آنذاك : إن الحاكم الذي يمارس الشعائر الدينية ويصوم ويعلن ممارسة الحكم طبقا لتعاليم الإسلام لايكون هدفا للجرم ).
>>
ثم جاءت تراجعات قيادات الجماعة الاسلامية على يد رئيس مجلس شورى الجماعة داخل السجون الشيخ كرم زهدي والذي استطاع أن يقنع باقي أعضاء المجلس بها حيث يتمتع بإسلوب متميز في إقناع محاوريه , ثم قام بمهمة ترويجها لشباب الجماعة داخل سجون القهر و الارهاب و التعذيب فرأى الشباب فيها الفرصة الذهبية والتي يجب أن لاتفوت حتى تنتهي أزمتهم وأزمات أسرهم وأهليهم فوافقوا على ماطرحه عليهم مشايخهم من أفكار ظنوها تقتصر على ترك السلاح وعدم قتال الدولة نظراً للمفاسد التي جلبتها عملياتهم المسلحة , لكن الأمر لم يكن كذلك إذ فوجئ الشباب بعد خروجهم أن دور مشايخهم لم ينتهي بعد فوجدوهم ينتقلون من مراجعات واقعهم في الداخل الى تراجعات في واقع لايعلموه ولم يعيشوه فأخذوا بتستطير البيانات المستنكرة و الشاجبة لكل عملية جهادية في أي قطر من الاقطار حتى ولو كانت موجهة الى الصليبيين أو الصهاينة .
>>
وأخيراً.... كانت وثيقة الشيخ سيد إمام التي ألغى فيها الجهاد ولم يرشده كما قال في عنوانها و مافتئ أن يصب جام غضبه على إخوانه المجاهدين في الخارج متوافقاً مع مانصحت به مؤسسة راند الامريكية و مذعناً لأوامر مكتب (الإف بي اي) في القاهرة , فسطر تهماً لم يقترفها المجاهدون وقذف قيادات الجهاد بجرائم هم منها براء ثمناً لتخفييف الحكم أو طمعاً في الخروج من السجن الصغير الى السجن الكبير فلاحول ولاقوة إلابالله .
>>
لقد أكد الدكتور أيمن الظواهري (حفظه الله تعالى من كيد أعدائه) على خطورة هذه المحاولات المستمرة للنظام في مصر قبل خمسة عشرة عاماً فقال في كتاب الحوار مع الطواغيت : ( لم يبق أمام الحكومة إلا اتباع سياسة الحوار والمفاوضات والاحتواء لبعض قيادات الجهاد ساعية في هذا بالمكر والخديعة واللين تارة وبالإرهاب تارة أخري , فهل ستنجح الحكومة في هذا وهل ستسقط بعض قيادات الجهاد كما سقط غيرها من قبل) .
>>
وهذا ماحصل بالفعل مع قيادات الجماعة الاسلامية وقيادات الجهاد داخل دهاليز سجون أمن الدولة . فعلى شباب أمتنا المجاهد أن لايعبأ كثيراً بما يقال في السجون أو حتى من خارجها فان قيادات الجماعات الإسلامية في مصر لاتفكر إلا في مصلحة جماعتها وهي على استعداد أن تقول أو تكتب أي شيئ من شأنه أن يحفظ هذه الجماعة أو يخرجها من السجون وإليكم الدليل : كان الشيخ عمر التلمساني أول من خرج من قيادات الاخوان من السجن بعد إغتيال السادات فقال في حوار مع مجلة المصور : ( إن السادات قتل مظلوماً كما قتل عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ) فغضب الأخوة من هذا التصريح فأرسلوا له الشيخ مجدي سالم (فك الله اسره) وقد كان هارباً أنذاك فلما قابله وعاتبه أخذ الشيخ التلمساني يثني على الشيخ خالد الاسلامبولي وباقي الاخوة (رحمهم الله) وما قاموا به ) ثم قال له : ( قل للاخوة أنتم أعظم من أخرجت هذه الامة وأن الاخوان لم يستطيعوا أن ينجبوا مثلكم لكن إلتمسوا لي العذر فورائي جماعة كبيرة أسعى للحفاظ عليها وإخراجها من السجون).
>>
إن من أعظم الوسائل المستخدمة في الحرب الفكرية اليوم هي إصدار الفتاوي أو بالأصح استصدار الفتاوى التي تجرم الجهاد و المجاهدين و تصفهم بمصطلحات شرعية منفرة كالخوارج و الغلاة و المجرمون و الإرهابيون غيرها ثم تلصق بهم تهم العمالة والخيانة والارتزاق ، وقد أتقن هؤلاء المفتون تحريف النصوص واعتادوا لي أعناقها بل لا بأس بكسرها أحيانا إن أبت المطاوعة , و لطالما دعا المجاهدون وعلماؤهم للمناظرة العلنية المفتوحة من غير شرط و لا قيد فهلا قبلها هؤلاء العلماء وواجهوا الحجة بالحجة ؟ اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.. أمين
>>
الشيخ / محمد خليل الحكايمة - حفظه الله -الجمعة الموافق 27 ذو القعدة لعام 1428المكتب الإعلامي لتنظيم القاعدة في أرض الكنانة المصدر: (مركز الفجر للإعلام)
>>
شبكة الإخلاص الإسلامية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق